بشخصية تتميز بالأنفة والعطاء والتضحية حاولت كثيراً أن تعالج أوجاعها بالصمت وحاولت أكثر مقارعة الألم بعيداً عن الضوضاء وكل ذلك ليس إلا المحاولة منها للرحيل من بين شفاه السطور بصمت لا يشعر به القارئ ؛ هكذا جاءت (فتافيت السكر) عميقة الأبعاد شفافة الرؤى تهز جذور الأحزان وتطعم النار ماءً ..وترسم في جبين الذاكرة باباً خشبياً تأكل طلاؤه يخبئ وراءه ابتسامة تحمل الثقة في الحياة رغم تلك الألم التي أرست قواعدها في أعماق القلب. ****** كانت تلهو...على جمر..تباهي حمرة لهيبه بفستانها الأحمر الجديد وألوانه التي في زهوها كابتسامة خالتها التي أهدتها إياه.. وتلك الرضيعة بجوارها تلاغيها بأمانيها وما كانت إلا إيماءات بعينيها الصغيرتين تحذر من ذاك اللهيب ومازال ذاك اللهيب يتنفس عيناها بزهو حتى أختلط منها بمجرى الحياة واقتربت تشتم منه رائحة العود فكان للعود رائحة جسدها وقد تعطر بذاك اللهيب الذي توشح مسام تلك الطفلة فكانت تحترق بالدفء تبكي فستانها ألوانه التي تفحّمت وتلك الأشلاء التي تمزقت ولحم أمنياتها وأخذت تصرخ...تستجدي...تتأوه وتلك الرضيعة بجوارها تصرخ فزعة..هلعا من أختها ضاعت ألوان ذاك الفستان..فكان رماد ذكرى لأزهى الفرحات وما زال اللهيب يلتهم بنهم جسد تلك الطفلة التي ترقص ألما فكان صقيع الماء البارد ينسكب على رأسها كجحيم جهنم ماتت الضحكات واختنقت بدخان الألم ماذا تفعل بتلك اليدين المرتجفة..وتلك النار تزمجر في أحشاء جلدها .... أماه أنني أحترق...أماه ضمدي هذا اللهيب..أماه دثريني لا أحتمل...آآآآآآآآه....أماه أين أبي أماه أتألم بشدة...حدثيه علّ بحضنه ضماد..يسكن تلك النار تحملها على كتف والرضيعة تجاورها على الآخر وشمس الظهيرة تلسع تلك الأم ورضيعتها ورمضاء اللهيب تستعر في استغاثات تلك الطفلة وآذان الأطباء قد صمت عن ذاك الصوت الجريح وهم يرددون " لا نستطيع فعل شيء... فقد شبعت النار من جسدها " وورقة إحالة إلى مشفى آخر به من الإمكانات ما يواجه جبروت تلك الجمرات وتركض الأم في تلك الرمضاء بطفلتيها...لتهرع إلى مغيث ينتشلها من كابوس فضيع...لتجد زوجها الذي جاء من بعد عناء نهار في الكد يبحث عن لقمة...يلهي عصافير الجوع بها..ويأوي إلى وسادته علّ قيلولة ما تريح جسده المنهك...لكن تعتذر تلك القيلولة..ويحمل طفلته الباكية التي تركها الصباح ضاحكة...وفراشات ألعابها تضج في المكان يتحسس جبين طبع عليه قبلة قبل أن يغادر...وقد كتب عليه الزمن موت تلك الأمنيات وحقيبة الأحلام..عشرون يوما تحتقن الألم تتنفس جرعات اللهيب..وتنفث آهات وويلات ومضت تلك السنون..ورماد ذاك الفستان..وذكرياته..لا تنطفئ كبرت تلك الطفلة وكبرت تلك البصمة في حياتها ومضت تدس ضريبة أمنية لحظة..تحت ثياب الأسى وما كان لها أن تعلم بمصيرها...وما كان لذاك القلب الطفولي أن يعج بذاك اللهيب..ومضت تدفن بداخلها انكسارات وتداوي أنين جسد..ضاقت به الروح مم الخوف..؟؟..لم التفكير ؟؟ وتلك الضجة من الحسرات ؟؟ ودواء الداء فوق ذاك الكرسي الأبيض....يا لسخافة هذا التفكير أتعاود الكرة من جديد..تلك الطفلة ما زالت تعيش بداخلها..تؤنبها على تلك النوبة من الغباء..وتلك الرضيعة التي تتوه بنظراتها اللائمة وذاك الجسد يئن..يشتكي..وتلك المرآة..التي تواجهها بواقعها وحقيقة ذاك النقصان..الذي يهدم قصور أحلامها لطالما رأت في عصا سندريلا السحرية..قارب نجاة من السجن الذي حبست نفسها به..ومن توسلات أهلها في إجراء العملية وكانت تضمر في نفسها..تلك الدعابة ستكبر وتبحث عن عصا سندريلا..وبلمسة سحرية منها تخفي آثار ذاك الحريق..وربما تلك الزهرة في مراعي هايدي الجبلية أو شربة من نبع صافي..وما وعت إن تلك أساطير لا وجود لها..تبتسم على أمل..أن تكتب لطفولتها المسلوبة ولادة من جديد..وما كانت إلا ترنيمة لم تكتمل قد قدر الإله وما شاء فعل..فهل من فرصة ليعود للروح الأمل ؟؟ أماه..صمتي لم يكن يوما نسيان..بجوفي براكين أسى وندم تكبرني بعمر أسمع تلك الهمزات خلفي...وأفهم لمزات تلك الأعين حلمي يراود مقلتي يكاد عن سري يبوح لكن ما جدوى ابتسامات المنى..وقد أخذ مني الجرح..عمرا كنت أقتل فيه كل ومض لأزاهير وورد حلم..لأنك أماه..ما أخبرتني ذات يوم..أن الجمر ليس لعبة أطفال ولكنه لعبة شيخ هرم يدعى (الموت) بقلم/ فاطمة سرحان الزبيدي