الأربطة.. تلك الدور المُظلمة لساكنيها، والمندسّة خلف أحياء غُيّبت تمامًا عن خارطة المواقع، جدرانها تحكي قصص قاطنيها من العجزة والمحتاجين، رجالاً ونساءً، شبابًا وشيبًا وأطفالاً، لتفضح تخاذلنا وانشغالنا، وتجاهلنا يومًا إثر يوم، أصحابها يعيشون حنين الماضي، وألم الحاضر، والخوف من المجهول، والحاجة تلذع بسياطها كرامتهم، قبل أجسادهم التي واراها الهزال، وعربد في أوصالها المرض، ورسمت الشيخوخة على قسمات وجوههم واقع الحال والمآل، فلم يعد كلٌّ كَكُل.. فلا الزمان هو الزمان، ولا المكان هو المكان، ولا الدواء هو الدواء، ولا المشرب والمأكل يسدُّ رمق جوعهم، وإن توفر فهو قليلُ القليل. عند الاطّلاع على التقارير الصحفية، أو البرامج التلفزيونية التي تتناول مواضيعها الأربطة، وساكني الأربطة، نلحظ أنها لا تغطي كل الحقائق، وإن حدث فالخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها تقف حائلاً أمامها، والمناسبات والمواسم التي ينتظر أصحاب تلك الأربطة قدومها بفارغ الصبر لا تفيهم حقهم، أو تقضي ولو جزءًا يسيرًا من متطلباتهم، وسرعان ما تطويهم ذاكرة النسيان، وتتلاشى عن مخيلتنا صورهم بعد الفراغ منها، والضوء الإعلامي الذي يسلّط هنا وهناك يقف عن حدود دورهم، ويتعثر ليخبو ثم ينطفئ، ليسلّط ذات الضوء في ذات اللحظة على مباريات، وأحداث، وشخصيات هنا وهناك!. لِمَ لا؟ فساكنو تلك الدور ليسوا ممّن يَدفع بالأموال ليستثمر ويستعمر! وهم ليسوا حتّى مشروع واجهة تحشد من أجلها الجهود والأموال!. فلا صوت لهم، ولا سند يدافع عن حقّهم الضائع في دوامة المرض والعوز واليأس، فقد سقطت حقوقهم من لائحة القوانين الإنسانية التي يطبل لها ذوي الاختصاص، ويطنطن، وعجزوا عن أن يدرجوا من ضمنها قوانين وحقوقًا تحمي إنسانيتهم، وحقهم في العيش بكرامة. مرصد: أبحث عن الحقِّ دون غيره.. لو كان هناك مَن يقف صدقًا على خدمة ساكني الأربطة.. لِمَ يزدادْ تردّي وسوء أوضاعهم المعيشية والصحية والمادية؟!، وما مدى صلاحية تلك الدور للسكن الآدمي؟ وهل هُيّئ لقاطنيها أسباب العيش بكرامة وإنسانية؟! [email protected]