ضمن الدراسات التي تناولت الشعراء السعوديين، قدَّم الباحث إبراهيم بن محمّد المسلّم كتابه الجديد «شاعر من شواطئ جدة.. محمّد إبراهيم جدع / حياته وشعره»، الذي يعود أصله إلى رسالة علمية نال بها المسلّم درجة الماجستير من قسم الأدب في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية. يتألف الكتاب، الذي تبلغ صفحاته 278 صفحة من القطع الكبير، من ثلاثة فصول تندرج تحتها العديد من المباحث المتنوعة، مسبوق كل ذلك بمقدمة كشف المسلّم في ثناياها مبرراته لهذه الدراسة، مشيرًا إلى أن أهمها يتمثل في أن الشاعر جدع يملك موهبة أنتجت شعرًا غزيرًا ألف خمسة دواوين تنوعت فيها الأغراض الشعرية ومضامين القصائد والقضايا التي طرحها فيها. الفصل الأول من الكتاب اشتمل على مبحثين تناولا تباعًا حياة الشاعر، والعوامل المؤثرة في نتاجه الشعري، حيث يشير المؤلف إلى أن الشاعر جدع ولد في جدة عام 1911م، ويمتد نسبه إلى «العيسوية»، كاشفًا قصة لقب «جدع» الذي لحق العائلة، مقدمًا لمحات عن تعليمه، وبداية كتابته للشعر في صباه الباكر، موردًا صورًا عن أخلاقه وشخصيته، وبروز صورة هذه الشخصية من خلال شعره، مبينًا أن وفاته كانت بجدة يوم الأربعاء 24 شعبان 1398ه، مخلفًا ورائه إرثًا شعريًا ضخمًا تمثل في دواوينه «وحي الشاطئ» الذي صدر في القاهرة عام 1377ه، وديوانه «أهازيج» عن نادي الطائف الأدبي في العام 1398ه، ثم «الإلياذة الإسلامية الجديدة»، و»المجموعة الشعرية الكاملة» التي صدرت عن نادي جدة الأدبي في العام 1984م، كما أصدر سلسلة من المقالات في كتاب حمل عنوان «البهاء زهير شاعر حجازي» نشره عبدالمقصود خوجة. في المبحث الآخر من الفصل الأول تتبع المسلّم العوامل المؤثرة في شعر جدع، مستهلاً بالبيئة مبينًا أن هناك آثارًا كثيرة شكلت نفسية الشاعر، مستقصيًا من ثم العوامل الثقافية والأدبية والعوامل السياسية، مؤكدًا في ختام هذا الفصل أن كل هذه العوامل مجتمعة صنعت اتجاهات الشاعر فخرجت في إطار الشعر الديني والاجتماعي والسياسي والوطني والوجداني. في الفصل الثاني من الكتب عمد الباحث إلى تفنيد واستقصاء الاتجاهات التي أشار إليها لمحًا في خاتمة الفصل الأول، حيث أفرد لكل اتجاه مبحثًا خاصًا بها موردًا الشواهد على رؤيته من خلال النماذج الشعرية من قصائد الشاعر جدع، حيث يستهل ببحث الاتجاه الإسلامي مبينًا أن أهم الموضوعات التي تناولها الشاعر في هذا الاتجاه كانت مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، والعبادات. وفي الاتجاه الاجتماعي تناول في شعره القيم الاجتماعية والإنسانية، فيما نالت قضية فلسطين قسطًا وافرًا في قصائده التي تناولت الاتجاه السياسي، تلتها قضية الجزائر، ثم بعض قضايا الأمة العربية والإسلامية الأخرى، والقضايا العالمية. أما الاتجاه الوطني في شعره فيتجلى في قصائده التي تناول فيها قضايا الوطن ومظاهر تحضره، والإشادة بمقدساته وجماله، وقيادته الرشيدة، ثم يقدِّم الباحث لمحات من اتجاه الشاعر في قصائده الوجدانية مثل الغزل والحب والفخر والرثاء والتأمل. الفصل الأخير من الكتاب خصصه المؤلف لاستعراض «عناصر التشكيل الفني»، مستجليًا كنه هذه العناصر من خلال أربعة مباحث تناول في أولها بناء القصيدة ومنهج الشاعر في هذا البناء، مناقشًا من ثم عناوين القصائد وتحديد قضاياها الفنية والموضوعية، منتقلاً من ذلك إلى دراسة قضية اللغة التي وظفها الشاعر في قصائده ومدى ملاءمة هذه اللغة مع الأفكار التي طرحها الشاعر في شعره، مختتمًا هذا الفصل ببحث عن الموسيقى الشعرية في قصائد جدع مبينًا أن هناك نوعين من الموسيقى في قصائده؛ داخلية وتتجلى في البناء اللغوي الذي استخدمه الشاعر، وخارجية تتمثل في اختيار الأوزان والتفاعيل في نسق موسيقي متكامل وسم كافة قصائده في دواوينه المختلفة.