بعد معاناة طويلة مع المرض منذ عدة سنوات، وبعد غيبوبة متواصلة استمرت منذ أكثر من ثلاثة أسبايع، انتقل إلى رحمة الله تعالى فجر أمس الأربعاء، الفنان الكبير محمد أمان، بمستشفى النور بمكةالمكرمة، وتم دفنه بمقابر المعلاة بعد أن أديت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر بالحرم المكي بحضور مجموعة من زملائه ومنهم الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي والموسيقار جميل محمود والفنان محمد حمزة والشاعر ياسين سمكري الفنان حسن عبدالله إسكندراني وغيرهم، وتلقى ذووه العزاء، ويقام اليوم الخميس ثاني أيام العزاء بمنزله بمكةالمكرمة بحي الشهداء بالقرب من مركز التلفزيون. والفنان محمد أمان يرحمه الله متزوج وله 4 أبناء (يوسف و3 بنات)، وقد أصيب قبل حوالي 10 سنوات في حادث مروري بطريق مكةجدة أصيب فيه بإصابات بالغة ومنها شلل نصفي، واستمرت معاناته طوال السنوات الماضية بدون أي تحسّن، ورغم ذلك كان يحضر ويشارك زملاءه وأصدقاءه في مناسباتهم، ومن المناسبات التي كان يحرص على حضورها سنويًا حفل الإفطار السنوي لفرقة أبو سراج بمقرها بجدة حيث كان يحضر سنويًا وهو على الكرسي المتحرك. والفنان محمد أمان يرحمه الله من الفنانين أصحاب العطاءات الفنية الأصيلة، وقد اشتهر خلال مشواره بأداء لون المجسّ، وهو لون غنائي لا يؤديه إلا الفنان المتمكن الذي يملك الصوت القوي، كما اشتهر بأداء لون الدانات الحجازية وكان يجيدها ببراعة. والبداية الفنية لفناننا الكبير الراحل محمد أمان بدأت في مكةالمكرمة وبالتحديد من محلة المسفلة، وكأي فنان هاو لديه الموهبة وحلاوة الصوت في أداء المجسّات والدانات الحجازية التراثية، وبدأ الراحل مشواره الفني أمان بتقليد الفنان الراحل السيّد عبدالرحمن مؤذن الذي اشتهر بلقب «البلاتين» وذاع صيته بأداء المجسّات والدانات الحجازية القديمة، ومن شدة حبه وتعلقه بهذا الفن، اكتسب الراحل أمان شهرته حتى أصبح الجسّيس الأول في المملكة. ولحلاوة صوته، وأدائه المميز، فقد أكرمه الله سبحانه بالالتحاق كمؤذن رسمي في المسجد الحرام من عام 1390 وحتى عام 1397ه. وكانت أول مشاركاته في الإذاعة في برنامج «مجلة الفنون» من إعداد الأستاذ الراحل محمد رجب، وأول مشاركاتة التلفزيونية كانت مع فرقة «المريعانية» للصهبة والموشحات المكّية وكان أحد أعضاء هذه الفرقة العريقة والمشهورة بأداء الموشحات والدانات المكّية، بالإضافة إلى مشاركاته في العديد من المهرجانات والمناسبات الفنية داخل المملكة وخارجها، ومنها مشاركته في أول مهرجان للجنادرية، ومشاركتة في تونس مع فرقة الفنون الشعبية السعودية التابعة لجمعية الثقافة والفنون، كما كان أول فنان سعودي يشارك في مهرجان الأوبرا المصرية بالقاهرة، وكذلك شارك في مهرجان الفنون بأوزبكستان وحصل على المركز الأول من بين 35 مشاركًا في المهرجان من مختلف دول العالم، وكذلك شارك في مهرجان معهد العالم العربي بباريس، ومهرجان فن الصوت الخامس بالبحرين، ومهرجان التلفزيون اليمني. وقد عاصر الفنان محمد أمان يرحمه الله العديد من الفنانين الكبار، فأخذ منهم وتعلم على يديهم الكثير، كما عاصر شاعرنا الكبير الأستاذ إبراهيم خفاجي، والموسيقار الراحل طارق عبدالحكيم، والفنانين والشعراء الكبار: جميل محمود وعبدالرحمن حجازي (يرحمه الله) وياسين سمكري وغيرهم. ومن خلال شهرته الكبيرة كمؤدٍ مميز ل «المجسّات»، كان الراحل محمد أمان مطلوبًا بشكل كبير في حفلات الزفاف والأفراح، فكان مطلب كل عريس يرغب في ليلة زفاف حجازية أصيلة. رحم الله الفنان الكبير محمد أمان.. وأسكنه فسيح جناته.. وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.