في الأسبوع الماضي وصلني خبر أفرحني وحرّك ذكرياتي، فجرفني إلى سنوات بعيدة، وفرحتُ أنني ما زلتُ أحتفظ بصديقتي وغاليتي الدكتورة سامية بنت محمد العمودي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز، ومدير مركز الشيخ محمد بن حسن العمودي للتميز في الرعاية الصحية لسرطان الثدي، كانت فرحتي تتمثل في خبر موافقة ملك البلاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بترشيح الدكتورة سامية العمودي لعضوية الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان. عندما وصلني الخبر تذكرتُ مكالمة أختى «سامية» وهي تخبرني باكتشافها لمرض سرطان الثدي، والتي فاجأتني -وقتها؛ بصوتها الملائكي وهدوئها الساحر- وأخبرتني أنها إذا نجت بعد مرور خمسة أعوام بمشيئة الله تعتبر «ناجية»، كنت أستمع لها وعيناي تتسع، وانكمشتُ في مكاني كعصفور، واندفع الدماء إلى وجنتي. تذكرتُ ذلك اليوم الذي شكّل علامة فارقة في حياتي، كيف صديقتي طبيبة النساء والولادة التي تعمل في أفضل مستشفيات المملكة، والتي تطلب من الجميع الفحص الطبي لسرطان الثدي؛ تهمل نفسها! كان يومًا عصيبًا مررتُ به، حيث نسيتُ أن صديقتي الحميمة هي المريضة، وكنت ألومها بصوت عالٍ: لماذا لم تعملي الفحص!! وأخذت أُردِّد عليها عبارة الكشف، مثل شخص أبكم مضطر إلى تكرار كل كلمة، وما أن أفرغ حتى أشرح لها من جديد. وبالرغم من هذا المرض الذي ابتليت به سامية؛ فقد قَلَبَتْ الألم إلى أمل، وقَاوَمَتْ بشجاعة محنة الألم، وأطلقت عليه «رسالة حب»، فكانت تبتسم لكل من يقابلها ابتسامة رقيقة، كانت بسمتها كقطعة موسيقى كلاسيكية إعلانًا ببدء الحياة الجديدة. حاضرت ودربت وشاركت وملأت الأرض بكلماتها بلغةٍ إنجليزية رصينة، وبالعربية السليمة صوتًا وحرفًا عن سرطان الثدي، وعن أهمية الكشف المبكر لنساء العالم، تعلَّمَت لغة الإشارة وألَّفت كُتبًا لصماوات، وساندتها ابنتها إسراء وابنها عبدالله في تلك المحنة؛ التي جعلوها منحة من رب العباد. كنت أحاول أن أتمسك بثباتي، وأبتسم لها ابتسامة في حضورها، كانت أطرافي تسيل وتتبخر، وكنت أنكمش على نفسي، وما أن تنتهي من كل مرحلة حتى تقدم مرحلة أخرى أكثر ثباتًا وقوة وأعم فائدة. لكِ أدين بالكثير من ثقافتي عن سرطان الثدي يا صديقتي الدكتورة سامية العمودي.. فهل وصلتكم رسالة الحب من صديقتي سامية؟! [email protected] [email protected]