(هل حقق التعليم العالي ممثلاً في جامعاته مفهوم " الشراكة المجتمعية " حقيقة ؟ أم هو شعار تمارسه بعض الجامعات جزئياً أو بصفة تجميلية ؟ هل سألنا المجتمع عما يريده من الجامعات ؟ )، كان هذا جزءاً من مقال سابق لكاتب هذا المقال عنوانه: هل المجتمع "خصم أم شريك ". . للتعليم العالي !؟ . قبل أيام تشرفت بلقاء نخبة من كرام المجتمع، ودار حديث عن الجامعة وعلاقتها بالمجتمع قاد أحدهم إلى أن أشار الى مقالي سابق الذكر منهياً حديثه بتوجيه عدد من الأسئلة : ولكن ماذا تريد الجامعة من المجتمع ؟ هل يصح أن نبقى دائما - أفراد المجتمع وشرائحه - في مقام المتلقي ؟ واختتم: هل المطلوب من المجتمع هو الدعم المادي فحسب ؟. في الحقيقة كنت كمن هو في سبات عميق أيقظته صرخات متتابعة !. . لقد كنت في مقالي السابق أستنهض همم جامعاتنا وقياداتها, ولم يخطر ببالي أن أوجه حديثي إلى المجتمع , ربما كان ذلك إشفاقا أو إعتقادا – مغلوطا – أن المجتمع مشغول أو مهمّش أو ينتظر الإحسان – الفكري والثقافي – من الجامعات !. لقد كنا في الماضي القريب، وماتزال بعض جامعاتنا، تتحدث – خطأ - عن ( خدمة المجتمع ) وتنشيء لذلك، وبطريقة نمطية، الوحدات الأكاديمية والكليات والبرامج . إلا أنني أعتقد أن مفهوم ( الشراكة المجتمعية ) أكثر عمقاً ودلالة في توصيف وتمثيل العلاقة بين الجامعة والمجتمع, كما يترتب على هذا المفهوم التساوي في الحقوق والواجبات بين الطرفين وتبادل المنافع والمزايا والخدمات. لذلك ففي رأيي إنه من المهم أن يُمثَّل المجتمع - تمثيلاً حقيقياً - في مجالس الجامعات ولجانها المتخصصة. وهذا ماتقوم به الجامعات الغربية العريقة، وفي نظري أن ذلك من أسباب تقدم تلك الجامعات وتطورها. إنني أتمنى أن يختفي من جامعاتنا مفهوم (خدمة المجتمع ) بكل مكوناته وأن يستبدل ب ( الشراكة المجتمعية ) من خلال كلياته وبرامجه ووحداته الأكاديمية . إن مفهوم ( المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل ) مثال قوي ومعبر عن المساواة في الحقوق والواجبات بين الطرفين، من خلال مفهوم الشراكة المجتمعية . ، تصوروا معي أن تقوم إحدى الجامعات باستضافة واستشارة قيادات سوق العمل ( الخاص والعام ) في جلسات تقييم و تخطيط وصياغة مناهج الأقسام والكليات، ثم تأخذ الجامعات بتوصياتهم فتعدل من مناهجها كما يريد سوق العمل، لتُخرج الجامعات خريجاً مؤهلاً ملبياً لحاجات المجتمع ينخرط في سوق العمل فور تخرجه بكل كفاءة واقتدار . إن تزايد الوعي لكلا الطرفين بثقافة المشاركة بكل مناحيها المادية والفكرية والتطبيقية، سوف يُخرج الجامعة من أسوارها المادية، ومن أوهام أبراجها العاجية. كما أنه سيحمل المجتمع مسئولياته التي كثيراً ما أغفلت، ويرسخ قناعاته بالدور المؤثر والإيجابي الذي يمكن أن يلعبه، مما يدفعه نحو المشاركة الفاعلة لخيره . . وخير الوطن عموما . . وبالله التوفيق وكيل جامعة الطائف للتطوير والجودة [email protected]