أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    مقتل 37 فلسطينياً.. مجزرة إسرائيلية في قطاع غزة    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    بدء الاقتراع الرئاسي في نيوهامبشر بالولايات المتحدة    الأكبر في الشرق الأوسط.. مقر عالمي للتايكوندو في الدمام    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامعات السعودية وموقف الصمت والحيادية من الحراك الفكري والثقافي
بحثاً عن دورها في التنمية
نشر في الرياض يوم 23 - 12 - 2010

على الرغم من الحراك الثقافي والفكري الذي تشهده البلاد مما شكل منعطفا نحو التغيير وما يصاحب ذلك من تجاذبات اجتماعية وغيرها " نجد أن الجامعات في منأى عن هذا الحراك الكبير رغم أن من أهم أدوار الجامعة كمؤسسة ثقافية ومنارة علمية وفكرية أن تكون نواة وحاضنة ومحركة لجملة الانطلاقات والمتغيرات الفكرية .. فلماذا تظل الجامعات غائبة عن هذا الحراك ؟ وما الدور المأمول منها في هذا الصدد ؟ وهل للأطر البيروقراطية التي تحكم الجامعات دور في ذلك ؟ أم أن الجامعات مترددة في التفاعل مع الملفات الجريئة والحساسة والشائكة كي لاتدخل في جملة التجاذبات ... أم ماذا ؟؟ وجد عدد من الأكاديميين والمثقفين بأن الجامعات على تنوعها وكثرة خريجيها لاتتقاطع من الحراك الفكري والثقافي الذي أصبح ملاحظا وموجودا بقوة في المجتمع ، حيث تلتزم الجامعات بموقف الصمت أو الحيادية في حين أن دورها لابد أن يتجاوز النمطية في التعليم والتغير إلى حدود أوسع من إثراء الثقافة بجميع أصنافها في المجتمع ، فدورها لابد أن لايكون تردديا بقدر ماهو تنظيم لذلك الحراك والإسهام على إثرائه من خلال منهجية واضحة في ذلك .
د.أحمد العيسى : مشروع توحيد الأنظمة واللوائح الإدارية جعل الجامعات نسخة واحدة
يقول مدير جامعة اليمامة سابقا الدكتور أحمد العيسى " لقد أدت الجامعات السعودية في بدايات تاريخها دوراً مهماً في التنمية الثقافية والفكرية حينما كان المجتمع يتلمس طريقه نحو المدنية والتقدم الحضاري والنمو الاقتصادي فقد كانت الجامعات تمثل أهم مؤسسات صياغة الوعي في ظل محدودية الاحتكاك مع العالم الخارجي إعلامياً وسياحياً وثقافياً. وقد كنا نشاهد أن الجامعات تمثل بيئة حاضنة للأنشطة الثقافية في الفن والمسرح والأدب والمسابقات الثقافية وكذلك الأنشطة الرياضية والعلمية. كما كنا نعايش معارض الكتب والفنون التشكيلية والحرف التقليدية وغيرها من الأنشطة. ولكن النشاط الثقافي والفكري في الجامعات السعودية انحسر شيئاً فشيئاً نتيجة عاملين أساسيين: هما موجة التشدد الديني التي طالت كل ملامح المشهد الثقافي السعودي خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، والتي حاصرت كل الأنشطة الثقافية والفكرية بما فيها معارض الكتب والنشاطات الفنية والأدبية، وقولبتها في إطار أيديولوجي بحت. والعامل الثاني مشروع توحيد الأنظمة واللوائح الإدارية في التعليم العالي التي جعلت من الجامعات نسخة واحدة، وقضت على المنافسة التي تقود إلى التميز والإبداع والتفرد. ونتيجة لتأثير هذين العاملين اتجهت الجامعات إلى النشاطات العلمية البحتة مثل المؤتمرات العلمية والبحوث التطبيقية والتي وجدت فيها السلامة من القضايا الفكرية الحساسة التي تثير كثيرا من المشاكل لقيادات الجامعات وتعرضهم للتعنيف من قبل أصحاب هذا التيار أو ذاك. ولهذا فإن الجامعات تنتظر اليوم كيف يحسم المجتمع بمؤسساته السياسية والفكرية والإعلامية كثيرا من القضايا الحساسة، ومن ثم تقرر فيما إذا كانت ستركب هذه الموجة أم تلك. فعلى سبيل المثال فالجامعات اليوم معنية بالدرجة الأولى بقضية الاختلاط في التعليم الجامعي التي تشهد جدلاً ساخناً بين المفكرين والكتاب، ولكنها لم تحرك ساكناً لتطرح حلاً معقولاً يمكن من خلاله تخفيف العزلة التي يعيش فيها التعليم الجامعي للفتاة، وفي نفس الوقت وضع الضوابط التي يمكن من خلالها تخفيف الآثار السلبية لموضوع الاختلاط.
د. عبد الرحمن الحبيب
أما أستاذ الإدارة التربوية المشارك بقسم الإدارة التربوية بكلية التربية جامعة الملك سعود والمشرف على مركز تدريب القيادات بالكلية الدكتور عبدالرحمن محمد الحبيب " فيقول " إن الجامعات غائبة أو مغيبة عن المشاركة في الحراك الثقافي والفكري الدائر في المجتمع الآن ولا أعتقد أن الأطر البيروقراطية لها دور كبير في غياب الجامعات عن المشهد الفكري والثقافي. بل هناك أسباب أكثر تأثيراً.
د.عبد الرحمن الحبيب : الجامعات لاتملك القرار ودورها يتمثل في الإعداد للوظيفة
ولاأعتقد أيضاً أن الجامعات مترددة في التفاعل مع الملفات الجريئة والحساسة والشائكة كي لا تدخل في جملة التجاذبات (كما جاء في السؤال)، لأن المفترض ألا تكون مشاركة الجامعة كمؤسسة رائدة وقائدة في الحراك الفكري هي التحيزلطرف ضد بقية الأطراف لمجرد أنه "ذلك الطرف".في رأيي أن الغياب له علاقة بتحول وظيفة الجامعة تجاه العلم والمعرفة، حيث كانت وظيفة الجامعة في البداية هي العناية بالمعرفة والعلم لذات العلم ثم ظهرت وظيفة الإعداد للوظيفة وزاحمت الوظيفة الأساسية وقد رافق هذا التحول أن تركزت اهتمامات الملتحقين بالجامعات على البحث عن أسرع وأسهل طريق يوصل للوظيفة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كلنا يعرف أن الجامعات لدينا لا تملك الكثير من القرارات ومنها هذا القرار الكبير ولذلك فغياب الجامعات لم يكن غياباً طوعياً بحتاً.نعم، من الضروري أن يكون للجامعات حضور ودور كبير ومشاركة فعالة في هذاالحراك الثقافي والفكري. إن حضور الجامعات سيساهم في ترسيخ العلمية فيتناول الثقافة بكل مكوناتها والبعد بهذا الحراك عن التعصب المقيت من كل الأطراف، كما أن لها دورا كبيرا في تحديد المعايير وطرح الآليات التي ستساعد في ضبط الحراك وتوجيهه. يمكن أن يكون للجامعات دور محمود في إعلاء شأن الثوابت وتوضيحها وتوعية المجتمع بها. تستطيع الجامعة أن تقوم بتلك الأدوار أكاديمياً عن طريق المقررات ذات الصلة والمتعلقة بالتفكير الناقد وأسس الحوار وأدب الاختلاف وثوابت الأمة كما تستطيع أكاديمياً أيضاً عن طريق إقامة الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش والدورات التدريبية داخل الجامعة وخارجها والمشاركة فيما تقيمه المؤسسات الأخرى مثل مركز الحوار والأندية الثقافية والمؤسسات التوعوية والإعلامية من أنشطة وفعاليات فكرية، وتشجيع البحوث والكتب والرسائل العلمية في المواضيع ذات الصلة،وتستطيع تطبيقياً عن طريق إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريس فيها والطلاب بممارسة الحرية الأكاديمية حسب الضوابط المتفق عليها. كما يمكن للجامعة أن تعقد شراكات مع جمعيات ومؤسسات المجتمع وتتيح لها إقامة بعض مناشطها ذات الصلة داخل الجامعة. ولعل العقول المبدعة داخل الجامعات تفكر في فرص وأنشطة وآليات أخرى تتيح لها دوراً أكبر للمشاركة في الحراك الفكري والثقافي.
د. عبد العزيز الصويغ
ويعلق الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور عبدالعزيز الصويغ على الموضوع بقوله " تعتبر الجامعات ركنا أساسيا من أركان بناء الدولة العصرية القائمة على الفكر المتطور. فالجامعة هي العقل المدبر والمرجعية العلمية الأكاديمية المتخصصة لمختلف مؤسسات المجتمع.
د.عبدالعزيز الصويغ: لابد من إعطاء مزيد من الصلاحيات والاستقلالية للجامعات السعودية
وقد حظي قطاع التعليم في المملكة بالعديد من المنجزات والتطورات منذ أن تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مقاليد الحكم وسجلت ميزانية التعليم بشقيه العام والعالي (للعام المالي 1430 / 1431ه ) أعلى معدلات إنفاق في تاريخ المملكة حيث تم تخصيص حوالي (122) ألف مليون ريال لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة، بزيادة بحوالي (17) ألف مليون ريال عن ما تم اعتماده في العام المالي المنصرم، وهو رقم غير مسبوق يتجاوز في حد ذاته ميزانيات بعض الدول النامية. وإذا كان هناك من عوائق لأخذ الجامعات دورها الطليعي في المجتمع من جهة، وتطوير أدائها الأكاديمي من جهة أخري فهي تتمثل في رأينا في عقبتين رئيسيين هما: (1) تغيير واقع جامعاتنا من كونها مصادر تلقين أو تدجين بعيداً عن أساليب الاقتناع العملي الحر، والأسئلة المتلاحقة، وأفكار البحث العلمي المعروفة. و (2) إعطاء مزيد من الصلاحيات والاستقلالية للجامعات السعودية. وهاتان العقبتان الرئيسيتان تشيران إلى مصدر واحد للإعاقة وهو ... وجود وزارة التعليم العالي؟! وأظن أن هذه العوائق كانت ماثلة أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله – عندما فكر في إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي يمكن النظر إليها علي أنها توجه جديد في سياسة وفلسفة التعليم العالي في المملكة. فجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ليست مجرد جامعة جديدة تضاف الى الجامعات السعودية الموجودة ... لكنها فكرة تحمل فلسفة خادم الحرمين الشريفين ورؤيته لمستقبل التعليم العالي لبلاده ومواطنيه، فهو – حفظه الله - يريد أن يكون خريجي جامعته نواة لفكر جديد ينسجم مع متطلبات العصر واحتياجات المجتمع. مضيفا " الصويغ " بأن العقبة التي تمثل العائق أو السد العالي أمام هذه الانطلاقة هي ... وزارة التعليم العالي التي تنوء بثقلها فوق صدر الجامعات فتمنعها عن الحركة والانطلاق. لذا كنت ومازلت أرى عدم الحاجة إلى وجود وزارة مستقلة للتعليم العالي. ولقد طالبت بإلغاء هذه الوزارة في أكثر من مقال كتبته في الصحافة، كما أنني قُلت بهذا الرأي أثناء عضويتي في مجلس الشوري في دورته الثانية 1418-1422ه (1998 – 2002م) خلال مناقشة تقارير وزارة التعليم العالي التي كانت قاصرة لم تُعط معلومات تقنع الأعضاء بفعالية هذه الوزارة. وقد رأيت في مداخلاتي حول تقارير الوزارة بأن فشل وزارة التعليم العالي عن تحقيق استراتيجية واضحة للتعليم العالي وعجزها في إقامة مزيد من الجامعات يثير علامة استفهام كبيرة حول أهمية وجود وزارة للتعليم العالي. فالواقع العملي هو أن وزارة التعليم العالي تُشكل عبئاً ماديا وإداريا يحد من انطلاقة التعليم العالي ويسحب كثيرا من الاستقلالية التي كانت للجامعات قبل إنشاء وزارة للتعليم العالي، ويشد من انطلاقة الجامعات السعودية للقيام بدورها العلمي أو المجتمعي لإثراء وتطوير المجالات الثقافية والاجتماعية في المجتمع. ورغم أن التعليم العالي شهد خلال الأعوام الأربعة الماضية تطوراً شمل جميع الجوانب العملية والتعليمية، وغطى مناطق المملكة ومحافظاتها، وارتفع عدد الجامعات من ثماني جامعات إلى 20 جامعة حكومية، وتوسعت الوزارة في إنشاء مجمعات للكليات الجامعية في المحافظات مما ترتب عليه زيادة المحافظات المشمولة بمؤسسات التعليم العالي إلى 73 محافظة. فإن هذا الزخم لم يأت من داخل الوزارة وإنما تم ضمن الرؤية الإصلاحية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتعليم. وهي الرؤية التي أوضحها في كلمته التي تصدرت موقع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في الشبكة العنكبوتية (الانترنت)، حيث أعلن - حفظه الله - عن أمله: " أن يجعل هذه الجامعة بيتاً للحكمة ومنارة للسلام والأمل والوفاق وستعمل لخدمة أبناء المملكة ولنفع جميع شعوب العالم (وفي) أن تصبح هذه الجامعة الجديدة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث؛ وأن تُعَلّم أجيال المستقبل من العلماء والمهندسين والتقنيين وتدربهم؛ وأن تعزز المشاركة والتعاون مع غيرها من جامعات البحوث الكبرى ومؤسسات القطاع الخاص على أساس الجدارة والتميز".
محمد الحرز : لاتوجد ذهنيات متوقدة تعمل داخل الجامعات والأكاديميون يطرحون فكرهم من خلال الصحافة خارج أروقة الجامعة
وأعتقد شخصياً أن إقامة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمعزل عن إشراف وهيمنة وزارة التعليم العالي هو برهان ودليل واضح بأن هذه الوزارة لم تنجح في القيام بمهامها. لذا فإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يمكن أن يكون في رأينا بداية لانطلاقة جديدة للتعليم العالي في المملكة وتدشينا لمرحلة جديدة بالنسبة لخطة تطوير التعليم العالي، في ظل عملية تصحيح وتطوير شاملة لقطاع التعليم العالي بأكمله، تتماشي مع فكر خادم الحرمين الشريفين حول تطوير هذا الجهاز الهام، وهو ما سينعكس أثره على بقية الجامعات السعودية. ويظل الرهان على مستقبل الانسان في المملكة هو أساس العملية التنموية لأن رأس المال الحقيقي والثروة التي لا تنضب هو إنسان الوطن الذي من أجله تسهر حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله، لتوفير أفضل الخدمات الحياتية وفق آلية علمية مدروسة، وخطط استراتيجية بعيدة المدى تستشرق الغد المشرق لتلبي تطلعات المواطنين من أجل حياة رغيدة سعيدة إن شاء الله.
محمد الحرز
ويرى الناقد والشاعر محمد الحرز بأن هذا السؤال يختزل قضايا وأزمات كثيرة لاتمس المجتمع في لحظته الراهنة وإنما هو سؤال ينسحب على عقود مضت لذلك فهناك عدة زوايا من الممكن تحليل هذه القضية من خلالها فالأولى منها أن الظواهر السلبية والآثار الواضحة على ضعف دور الجامعة هو نتيجة وليس سبب فهناك ضعف وهشاشة في التعليم ولدت أخيرا هذا التراكم الكبير في دور الجامعة والسؤال " متى بان هذا الضعف ؟ بان هذا الضعف فيما طرحه هذا السؤال من حراك ثقافي واجتماعي تعيشه المملكة مشيرا " الحرز " إلى أن اللحظة الراهنة هي لحظة انعطافة حقيقية يعيشها جميع جوانب المجتمع وهي أشبه ماتكون بثورة على السكون وضد النمطية أيضا ، المجتمع في الوقت الراهن في ثورة حراك قوي جدا يصل إلى العمق فعندما نلاحظ هذه المفارقة نجد بأن دور الجامعة لاتحدده الجامعة فقط وإنما ينبغي البحث عنها في الجذور أي أزمة التعليم منذ التأسيس لذلك من يتخرج في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة من المفترض أن تكون ذهنيته منفتحة على العالم ولكن مايحدث أن في الكثير من المتخرجين يذهبون إلى الجامعة وأذهانهم مغلقه بمعنى أنهم لايرون ولايفكرون بأبعد من مجال أيديهم والسبب المهم في ذلك تكمن في طريقة التعليم في المؤسسات التعليمية في نظام تلك المؤسسات وذلك ماينطبق على مسألة التلقي والحفظ والمناهج والنظرة للمؤسسة التعليمية من قبل أصحاب القرار سواء كان على المستوى الرسمي أو الاجتماعي جميع هذه عوامل شتى استطاعت أن تجعل من دور الجامعة دورا هامشيا لأن في النهاية الجامعة دورها يكمن في التنظيم وعليها لابد أن تلقى مسؤولية تنظيم الحراك الاجتماعي والثقافي بداخل المجتمع مابين الجيل والجيل الآخر في السابق متحدثا عن تجربة أوربا في ذلك حيث تتضح الأدوار الحقيقية للجامعات في أوربا والتي اشتهر البعض منها باستقطابها أكبر المثقفين ولم يكونوا أساسا الخط النظامي للجامعات وإنما فرضوا أنفسهم ثقافيا وبالتالي استطاعت الجامعات أن تجذبهم إليها حتى أسسوا كراسي حقيقية وأن يجعلوا خطابهم الثقافي جزءا من الجامعة مستشهدا أيضا " الحرز " بثورة الطلاب التي حدثت في فرنسا والتي استطاع الطلاب من داخل الجامعة أن يقولوا بصراحة " نحن نعيش لحظتنا الحياتية ويجب أن تتغير كل الأمور وكانت ثورتهم من داخل الجامعة ، فالجامعة هنا ... حاضنة للتغير وفي مقابل ذلك حينما نعود إلى جامعاتنا نجد هناك نقصا كبيرا لايتعلق بنقص الكوادر وإنما نقص في الرؤية والدور وكيف من الممكن أن يتم وضع تصور للجامعة ؟ وكيف من المكن تصور القالب الموجود داخل الجامعة وانسحابه داخل المجتمع وهو في الحقيقية انفصام حقيقي في دور الجامعة ولذلك يجد " الحرز " بأن من يتخرج من الجامعة ينطوي إلى رؤية للعمل فقط على الرغم من وجود حقيقة مهمة تتمثل في كثرة الخريجين حاملي الدكتوراه في بعض جامعاتنا، ولكن المحك في كيف تخرج هؤلاء ؟!! وبأي طريقة وبأي مناهج وبأي رؤية وبأي ثقافة ؟ وهذه جميعا تساؤلات لابد أن تطرح على الجامعات مضيفا " الحرز " بأن البيروقراطية جزء من مشكلة الجامعات لكنها ليس السبب الحقيقي لأن في مقابل ذلك يوجد هناك في جامعات أوربا نظم بيروقراطية ولكنها توظف في إيجاد ثقافة حقيقية ، فالجامعات لدينا تتردد في الانفتاح بشكل قوي بسبب عدم الإيمان الحقيقي بدور الجامعة لدى أغلب أصحاب القرار سواء على المستوى الرسمي أو الاجتماعي ولذلك لانجد هناك ذهنيات نقدية متوقدة تستطيع أن تعمل داخل الجامعة وحتى الأكاديميين الذين يملكون فكرا متنورا جميع أطروحاتهم لاتأتي من داخل الجامعة بمعنى أنهم لايشتغلون على المجتمع من داخل الجامعة وإنما أغلب أطروحاتهم تخرج من رحم الصحافة أوأنها تكون من داخل أروقة الجامعات بشكل أكاديمي فج وبارد في غالب الأحيان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.