قبل سنوات أطلق لقب النمور الأربعة على أربع دول آسيوية اعترافاً بما حققته من قفزات علمية واقتصادية هائلة، والدول هي كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وماليزيا.. اليوم نشهد انطلاقة هادئة لنمر لاتيني هو جمهورية تشيلي التي تحقق نمواً اقتصادياً يبلغ معدله السنوي 7% متجاوزاً بذلك ما يحققه عمالقة أمريكا اللاتينية، البرازيل والمكسيك ، الذين يتراوح معدل نموهما الاقتصادي السنوي بين 3 و 4%. تشيلي تميزت عن سواها من دول أمريكا اللاتينية بنظام سياسي مستقر، وبتقاليد ديمقراطية عريقة، لم يزعزعها سوى فترة استثنائية من حكم العسكر دامت بين عامي 1973م و1990م، وفي تلك الفترة تمكن العسكر من إنجاز إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق لم يتمكن الساسة من تنفيذها قبل ذلك، الأمر الذي أعطى لتشيلي فرصة الانطلاق بعد نهاية الحكم العسكري وتحقيق نقلة نوعية في البلاد يتوقع معها أن تكون تشيلي في خلال سنوات قليلة أول دولة في أمريكا اللاتينية تعلن عن القضاء على الفقر. معظم الناس في تشيلي لا يرغبون الخوض في موضوع تجربة الحكم العسكري فهي حقبة مثيرة للجدل بما اشتملت عليه من مزيج من الرخاء الاقتصادي والبطش السياسي، فالرئيس سلفادور اليندي الذي انقلب عليه العسكر كان أول رئيس ماركسي منتخب في العالم، ولكن الجيش والشركات العالمية الكبرى التي كانت تحظى بامتيازات احتكارية في استخراج النحاس وتصديره لم يسمحوا لتجربة الماركسية بالانتخاب أن تنال فرصتها فتمت الإطاحة باليندي في عام 1973م وقتل في مقر القصر الرئاسي وهو يقاوم برشاشه الكلاشنكوف.. اليوم وبعد عودة الديمقراطية إلى البلاد فلقد اعيد الاعتبار لاليندي ونصب له تمثال تذكاري في ساحة القصر الرئاسي الذي قتل فيه والذي عاد ليستخدم مقراً للرئاسة بعد أن كان قد دمر بالكامل في الانقلاب العسكري. في سانتياجو، عاصمة تشيلي، سألت مواطناً تشيلياً عن مشاعر التشيليين تجاه جيرانهم فأجاب قائلاً: البرازيليون نحبهم فهم شعب مرح يعشق الحياة والجمال، أما الأرجنتينيون فنحمد الله أن جعل بيننا وبينهم جبال الأنديز ليظلوا مكانهم بعيداً عنا فهم متغطرسون ويحسبون أنهم أوروبيون، قلت فماذا عن جيرانكم في الشمال؟ قال: من؟ بيرو؟ إننا لا نكترث لهم فلا نحبهم ولا نكرههم!! [email protected]