ربما يصعب عليك أن تتخيلي وجود إنسان له وجهان في الحقيقة، ولكن ما نراه من سلوكيات بعض الناس يجعل إطلاق مثل هذا الوصف عليهم دقيقا جدا. وربما لو وصلت هذه الصورة إلى الصينيين القدماء لرأينا في تصاويرهم الأسطورية شخصا برأس واحدة، وعليها وجهين اثنين، تماما مثلما نرى في تصويرهم التخيلي للتنين بأشكال متعددة. ولعل الوصف الأقرب لمن تتعامل مع الناس بوجهين هو المنافقة، التي تظهر شيئا وتبطن آخر. أو تقول شيئا وتعمل على العكس منه. وكما هو معلوم، فلا أحد يتضرر من أم الوجهين أكثر منها نفسها. فهي تأكل نفسها بنفسها، وتخسر الناس من حولها واحدا تلو الآخر. فلا تكاد تكسب صديقة إلا وتخسرها، ولا تتعرف على زميلة إلا ونفرت منها. حينما تتعاملين مع أم وجهين وأنت لا تعرفينها، فمن المؤكد أنها ربما تخدعك. ومثل هذا الأمر ينبغي ألا يجعلك تشعرين بالضيق، ولا أن تصفي نفسك بالغباء، كما تفعل بعض الفتيات عندما تجد نفسها في مثل هذا الموقف. بل المفترض أن تعلمي أن الانخداع في المرة الأولى طبيعي ومتوقع، ولكن ليس في المرات القادمة. كوني حذرة، وتعلمي من الدرس جيدا. فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. تعاملي معها بطريقة عادية، لا تظهري لها مشاعر عداء ولا تبد تجاهها أيضا مشاعر مودة. حافظي على مسافة معقولة بينك وبينها، ولا تفسحي لها المجال لتقترب منك كثيرا، سواء بعرض خدمة أو بطلبها. استعدي بردود عامة تخلصين بها نفسك من إحراجها، ولاسيما أن هذا النوع من الناس جرئ ويطلب بلا استحياء، وخاصة أمام الآخرين، حتى يشعر الشخص المطلوب منه بالحرج ويستجيب رغما عنه. أخلاقك العالية ورقي أسلوبك لا تغيريها نتيجة أشخاص لا يستحقونها، فقط كوني مستعدة للتعامل معهم بأسلوب يناسبهم، ولا يؤثر عليك سلبا، ولا على الطيبين في حياتك. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim