تسيطر علينا بعض الأحيان رغبات في أن نكون في أفضل صورة ممكنة، وهذا في حد ذاته أمر إيجابي، بل إنه يعد من الدوافع المحفزة التي تشجع الإنسان ليسعى بجد نحو تحقيق أهدافه بأعلى درجة كفاءة ممكنة. ولكن بعض الناس يصور الحماس نحو الأفضل على أنه فشل ما لم يصل إلى المثالية! المثالية صورة لا تتوافق مع طبيعتنا البشرية، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون). والنظر إلى نفسك من خلال مرآة المثالية لن يجعل منك مثالية بالفعل، بل سينقلب إليك بصرك حسيرا، فلا أنت حققت المثالية المزعومة، ولا أنت بالتي رضيت بحالك وتعاملت معها بطريقة مناسبة. في البداية، كوني على حذر من الوقوع في وهم المثالية. بعد ذلك سيسهل عليك -بإذن الله- أن ترسمي لنفسك تصورا يضعها في أفضل حال ممكن بالنسبة لك. فبدلا من أن تبذلي جهدا كبيرا في تحصيل سراب لا يمكن تحقيقه؛ فسيكون من الخير لك أن تنظري لنفسك من منظار واقعي. والنظرة الواقعية لنفسك سوف تجعلك ترين نفسك إنسانة مثل بقية الناس، تخطئين وتصيبين، تنشطين وتكسلين، تحبين وتكرهين، تفرحين وتحزنين، لكنك تختلفين عن غالبية الناس بأنك تسيرين في خط يميل في غالب أحواله نحو الارتقاء والصعود، أكثر من ميله نحو الانحدار والهبوط. عندما تنظرين لنفسك بواقعية، سترين أنك أصبحت قادرة على التطور والتحسن باستمرار في غالب الأوقات، وبخطوات تتسارع أحيانا وتتباطأ أحيانا أخرى، لكنك في النهاية مستمرة في الارتقاء بنفسك دينيا وعلميا ومهاريا وثقافيا. ولكن الأمر الأهم من ذلك كله هو أنك ستنظرين لنفسك نظرة إيجابية، حتى وأنت تمرين بحالات القصور البشري، بدلا من الشعور بالذنب وتوجيه اللوم لنفسك على أمور ليست باختيارك في الأساس. وبذلك سوف تتخلصين من عوامل إعاقة التقدم والنجاح التي تقود إليها الصورة السلبية التي ربما رسمتها لنفسك نتيجة مقارنتها بالصورة المثالية، التي يستحيل عليك في حقيقة الأمر الوصول إليها. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim