شاعر الدنيا وشاغل الناس لقيت أبا الطيب أحمد بن الحسين، بعد بضع سنين، وهو من الشعراء المحسنين. فكلما سألنا عن الأخبار، أجاب بالأشعار: قلنا: من أنت؟ قال: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صممُ الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ قلنا: أما ترى السفهاء، ينالون العظماء. قال: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل قلنا: نراك تعبت في طلبك للمجد. قال: جزى الله المسير إليك خيرًا وإن ترك المطايا كالمزاد قلنا: أما ترى أن المجد يتعب؟ قال: لولا المشقة سادَ الناس كلهمو الجود يفقر والإقدام قتال قلنا: نرى السلف يتأثرون عند سماع القرآن ونحن لا نتأثر؟ قال: لا تعذل المشتاق في أشواقه حتى يكون حشاك في أحشائه قلنا: نرى المنافق أحيانًا يبكي قال: إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى قلنا: نرى واحدًا من الناس يعادل أمة في الفضل؟ قال: وإن تَفُقِ الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال قلنا: نرى لك حسّادًا كثيرين؟ قال: أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني فلا أعاتبه صفحًا وإهوانا قلنا: بعض الناس غلب عليه سوء الظن؟ قال : إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم قلنا: القوميّون العرب يهددون إسرائيل من خمسين سنة؟ قال: وإذا ما خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا قلنا: نعرف أغنياء ألسنتهم سخيّة وأيديهم بخيلة. قال: جود الرجال من الأيدي وجودهمو من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ قلنا: من يتأمل الشريعة يملكه حبها. قال: وما كنت ممن يملك الحبُّ قلبَه ولكن من ينظر عيونك يعشقِ قلنا: نسمع لأعداء الإسلام شبهات يثيرونها عنه؟ قال: ولله سِرٌّ في علاك وإنما كلام الورى ضرب من الهذيان قلنا: ما رأيكم في الدنيا؟ قال: لحا الله ذي الدنيا مناخًا لراكب فكل بعيد الهم فيها معذب قلنا: والمال؟ قال: إذا المال لم يرزق خلاصًا من الأذى فلا الحمد مكسوبًا ولا المال باقيا