يبدو من الواضح أن ما عجز الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن تحقيقه في ولايته الأولى يسعى إلى تحقيقه الآن مع بداية ولايته الثانية، تحديدًا بالنسبة للملفين الأكثر تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط: ملف النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بدءًا من عقدة الاستيطان حتى مشروع حل الدولتين الذي أصبح في طي النسيان في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والملف النووي الإيراني والإستراتيجية الأمثل للحيلولة دون توصل إيران إلى صنع القنبلة. هذا السعي اتضح بشكل كبير مؤخرًا بترشيح الرئيس أوباما لاثنين من أبرز الساسة الأمريكيين المخضرمين ليتسلم أحدهما حقيبة الخارجية (جون كيري) والآخر حقيبة الدفاع (تشاك هاجل) الحقيبتين الأكثر أهمية في الكابينة الرئاسية، مع ملاحظة أن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع بين كيري وهاجل باعتبارهما من اللوبي المناهض للحرب بدءًا من حرب فيتنام حتى حرب العراق، وباعتبارهما ممن شاركوا في حرب فيتنام برتب عادية وحصلوا على أوسمة بطولة في تلك الحرب، وأيضًا باعتبارهما من المعتدلين ومن منتقدي سياسة الاستيطان الإسرائيلي. إلى جانب التوافق في المواقف بينهما وبين أوباما. وبينما يرى المراقبون أن الكونجرس قد يصادق على ترشيح أوباما لكيري وزيرًا للخارجية، إلا أنه من الصعب التكهن بالموافقة على هاجل الذي انتقد بشدة حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، وهو ما اتضح بشكل كبير عقب إعلان الترشيح أمس الأول (الاثنين) مباشرة بتدشين اللوبي الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة حملة مسعورة ضد هذا الترشيح. فيما اعتبره بعض أولئك المراقبين بأنه التحدي الأكبر الذي يواجهه أوباما أمام اللوبي الإسرائيلي رغم إعرابه عن نيته لقاء مجموعات يهودية - أمريكية، وأخرى من اللوبي الإسرائيلي لتوضيح مواقفه وطمأنتهم إلى العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. في حال مصادقة الكونجرس، سيكون الانسحاب من أفغانستان وخفض موازنة الدفاع من أولويات الوزير الجديد. لكن صداقته القديمة مع أوباما التي تعود إلى أيام وجودهما في مجلس الشيوخ، ومشاركة الرئيس لمواقفه المعارضة للحرب على العراق، سيضعانه في موقع غير تقليدي بالنسبة إلى وزراء الدفاع الأمريكيين. السابقين، لاسيما إذا ما اضطلع بدور مؤثر في ملف إيران، أو في ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وتسريع حل الدولتين.