الكتابة على الجدران ظاهرة غير حضارية تعاني منها المدارس بالدرجة الأولى ثم تليها المرافق العامة ثم جدران البيوت والمنازل. وما يثير الدهشة أن من يكتبون هم طلاب وليسوا أميين، ويشكلون الواجهة الحضارية للمجتمع. وتعد هذه الظاهرة من الظواهر التي انتشرت بين الكثير من الطلاب بل أصبحت تمثل منحدرا سلوكيا سيئا في بعض المواقف، ولعل هذا لم يأت من فراغ ولكن هناك عوامل متعددة وراء ذلك حيث أن السياسة التعليمية تؤكد على تربية النشء من جميع الجوانب العقلية والانفعالية والاجتماعية، لينشأوا نشأة سليمة تجعل منهم أفرادا صالحين يحافظون على الممتلكات العامة والخاصة. ومن هذا المنطلق فإن مشكلة الكتابة على جدران المدارس تعتبر ظاهرة جديرة بالدراسة لأنها بالإضافة إلى كونها تشويها لجمال المدرسة وتعديا عليها فهي أيضا تعبر عن خلل في التربية يجدر بالمشتغلين بها البحث عن أسبابها وعلاجها حتى تتحقق الأهداف التعليمية المرجوة. “المدينة” سلطت الضوء على هذه الظاهرة وخرجت بآراء حول الدوافع وراء تلك الكتابات وطرق علاجها. سلوك غير مقبول استنكر مدير التوجيه والإرشاد بتعليم جدة سالم الطويرقي هذه الظاهرة، متسائلا: ماذا يجني هؤلاء العابثون من الكتابة التي يقومون بها؟ موضحا أن الوزارة تشرف على برنامج الكتابة على الجدران والذي يختص بدراسة سلوك وأسباب تلك الظاهرة. وأن الوزارة ستعمل ورشة عمل ولقاءات للتصدي لها. وشدد على أهمية تطبيق المدارس للبرنامج، وعلى دور المدارس قي التوعية ومحاولة تجنبهم لهذا السلوك، ومشيرا على ضرورة تفاعل جميع المؤسسات والجهات بالإسهام في التصدي للظاهرة. وأبدى الدكتور موفق كدسه عضو هيئة تدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز استغرابه من وجود هذه الظاهرة في مجتمعنا الإسلامي حيث يعتبر هذا السلوك تعدي على الآخرين، وبين أن الخلل بسبب وجود هؤلاء العابثون يعود إلى المدارس لعدم إنضباطهم في ردع وتوعية الطلاب. وأضاف انه يتمنى من المسئولين أن يضعوا لجان في الأحياء تختص بالمتابعة وتعمل على إصدار عقوبات عملية للمتطاولين. كما أرجو من الدعاة وخطباء المساجد أن يتطرقوا إلى الظاهرة، ووضع برامج تمنعها من الإنتشار. أنواع الكتابات وبين الدكتور عبدالله باخشوين بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز أن هذه الظاهرة لها جانبان: الأول يتمثل في الكتابات المسيئة من تجني وتشهير للآخرين، فهؤلاء جبناء لا يستطيعون أن المواجهة، وأتمنى من مدراء المدارس الانتباه ومراقبة هؤلاء. أما الجانب الآخر وهي الكتابات الإيجابية فقال: عندما يكتب الشخص حكم وأبيات شعر وعبارات تمجيد وطنية فهؤلاء هم بحاجة إلى حائط أو جدار بالمدرسة يجعلهم يمارسون هذا النشاط بحرية ربما قد يساهمون في نشر الفضيلة والحث على القيم الإيجابية والدعوة. وشاركنا الدكتور خالد القليوبي من قسم علم النفس بجامعة المؤسس، حيث قال أن العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية تناولت هذه الظاهرة من جوانب متعددة، والإيجابي منها تبين أنه تعبير لا شعوري عن طاقات نفسية كامنة، وربما كانت تمثل رسائل رمزية للمجتمع ولفت انتباههم من مواهب وإمكانيات موجودة لديهم أو مشاكل غفلت عنها المؤسسات والمنظمات الاجتماعية. ومن خلال النتائج قامت العديد من الدول بإعطاء مساحات للجدران للتعبير عن مواهبهم وأفكارهم ومشاعرهم بشكل منظم حيث لمع البعض منهم في مجالات الرسم والتصميم. أما الجانب الآخر وهم ممارسو الكتابات المسيئة وبأماكن غير لائقة، فإن علاجها يتمثل في رعاية المواهب وإتاحة الفرصة لتفريغ الطاقة من قبل المؤسسات المجتمعية، لتهذيب سلوك الأفراد من أطفال ومراهقين فتقع المسؤولية على المدرسة والأسرة بشكل كبير. مسؤولية الجميع ومن جانبه قال أحد المشرفين التربويين بجدة أن هذه الظاهرة عانت منها كثير من المدارس المتوسطة والثانوية وان على المدارس التوعية واجتثاث هذه الأفكار والسلوكيات والتقرب من الطلاب والاستماع إلى شكواهم. وأضاف انه يتمنى من المشرفين أن يقوموا أثناء جولاتهم بالتوعية. وأشار أبو نواف أحد مديري مدارس جدة أن هذه الظاهرة صعبة الحل طالما لا يوجد تفعيل للنشاط من قبل المدارس، موضحا دور التكاتف من قبل جميع عاملي المدرسة فهو يؤدي إلى نتائج إيجابية. وأوضح أنه في حالة إثبات أن أحد طلاب المدرسة قام بالفعل فإن الإدارة تقوم باستدعاء ولي الأمر وتكليفه بدهن الجدار لإزالة الكتابة. وقال الناطق الإعلامي لشرطة محافظة جدة العقيد مسفر الجعيد أن هذه الظاهرة مسؤولية الجميع، ولكن إذا تم الاشتباه بالفاعل من قبل أي مواطن فعليه إبلاغ الدوريات فورا وهي ستقوم باستكمال باقي الإجراءات .