اتفق عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين فى حديث ل»المدينة» على أن ميزانية المملكة الجديدة سيتخطى إيراداتها التريليون ريال، بعد ما سجلت أسعار البترول مكاسب إضافية، مشيرين إلى أن سياسة المملكة ركزت على ثلاثة جوانب رئيسة أثبتت نجاحها وفاعليتها. وأكد الخبير الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين أن المملكة قادرة على تحقيق أرقام ضخمة في إيراداتها؛ مع تحقيق نمو مقارنة مع حجم إيرادات العام الماضي على متوسط أسعار النفط للعام الحالي متوقعًا أن تكون الإيرادات الحقيقية في حدود 1.2 تريليون ريال وهي تفوق بكثير الإيرادات المتوقعة التي حُددت بداية العام ب 702 مليار ريال، إضافة إلى ذلك فحجم الإنفاق الحقيقي سيشهد أيضًا نموًا عما كان محددًا لأسباب مرتبطة بسياسة الإنفاق التي يتم تعديلها خلال العام بالتوافق مع الإيرادات المحققة ولمواجهة المشروعات الطارئة. وأضاف البوعينين: «إن سياسة المملكة المالية ركزت على ثلاثة جوانب رئيسة منها الإنفاق التوسعي على مشروعات التنمية الملحة لتعويض القصور في البنى التحتية وبناء الإحتياطات المالية التي تعتبر سندًا للحكومة في مواجهة المتغيرات العالمية الطارئة؛ إضافة إلى تقليص حجم الدين العام؛ وهذه السياسة أثبتت نجاعتها وأهميتها على حد سواء، وكذلك خفض الدين العام من 690 مليار إلى 135.5 مليار يمثل 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي أمر غاية في الأهمية». وأستطرد البوعينين: «إضافة إلى ذلك التخلص من الدين العام بالكلية سيكون جيدًا وأعتقد أنه سيكون عملًا متميزًا لا يمكن تجاهله، خاصة مع التخلص من كلفة خدمة الدين التي تزيد عما تحصله المملكة من فوائد على استثماراتها المالية؛ إضافة إلى تعزيز قدرة البنوك على الإقراض ومساعدتها في التوسع بالإقراض العقاري». لافتًا أن التخلص من الدين العام يمكن تحقيقه هذا العام لو قررت الحكومة استفاءه من فوائض العام الحالي؛ أو على الأقل التخلص منه خلال العام القادم. وحول ميزانية العام 2013 أكد الاقتصادي البوعينين: «إنها لن تختلف كثيرًا عن الميزانيات الأخرى فيما يتعلق بأبواب الصرف؛ فالصرف من الميزانية أصبح معروفًا سلفًا؛ خاصة في تركيزها على التعليم والصحة والبلديات والطرق والطاقة». وأضاف: «أعتقد أن أرقام الميزانية ستأتي متحفظة كالعادة وهذا أمر جيد طالما أننا نعتمد في مويل الميزانية على إيادات النفط التي لا يمكن ضمان استقرارها بسبب تغيرات الأسعار الفجائية؛ إلا أنني ما زلت أعتقد أن الفرق الكبير في الأرقام المتوقعة عنه في الأرقام الحقيقية يشير إلى تدني مستوى التوقع لدى واضعي الميزانية». وعطفًا على الوعود الحكومية فمن المتوقع استمرار الإنفاق على وتيرته الحالية لمواجهة متطلبات التنمية؛ إلا أنني أعتقد أن الحكومة مطالبة بمراجعة سياستها المالية التوسعية وضبط الإنفاق الحكومي خاصة وأن الضغوط التضخمية باتت تؤثر سلبا على حياة المواطن؛ أضف إلى ذلك أن الوزارات غير قادرة عى تنفيذ مشروعاتها الضخمة بكفاءة إما لأسباب مرتبطة بقدرة الشركات أو بالكفاءة التنفيذية؛ وهذا يؤدي إلى إغراق الاقتصاد بمشروعات لا يمكن التعامل معها، وتكديسها بطريقة تتسبب في إحداث هدر كبير في الإنفاق وما يقابله من بطء في التنفيذ وارتفاع تكلفة المعيشة. من جانبه أكد الدكتور عبدالله المغلوث الخبير الاقتصادي: «إن الطفرة الاقتصادية القادمة للمملكة لن تكمن إلا بوجود مناخ أمني وسياسي مستقرين، والمملكة لديها ذلك المناخ، مشيرًا إلى أنه قد تواجه تلك الطفرة بعض المعوقات البسيطة كالبيروقراطية في منح التراخيص الاستثمارية، داعيًا إلى وجود آلية للحد من تلك المعوقات من خلال تنفيذ بعض المشروعات». وأشار الدكتور المغلوث إلى أن وزارة المالية تسعى إلى تخفيض الدين العام والتوجة إلى استقرار الفائض حيث إن المملكة سوف تتوسع في إنتاج النفط إلى أكثر من 9 ملايين بريمل يوميًا وتستفيد من ذلك، مبينًا أن الدولة تستثنمر في السندات والخزائن من خلال مؤسسة النقد العربي السعودي حيث تبلغ الأموال التي تسثتمرها المؤسسة أكثر من 600 مليار دولار وذلك يعطي الريال السعودي غطاء حماية ويحافظ على قيمته، مشيرًا إلى أن التوجة القادم يكمن في تنفيذ المشروعات على القطاع الصحي والتعليم إلا أننا بحاجة إلى دور لتنفيذ المشروعات التي تربط المناطق والمحافظات بالطرق السريعة. وتوقع المغلوث أن يبلغ حجم الإنفاق الفعلي نحو800 مليار ريال، حيث إن الإيرادات في 2012 فاقت التريليون ريال، متوقعًا أن يبلغ حجم الفائض نحو 500 مليار ريال، داعيًا في الوقت نفسة أن يوجه الفائض للاستثمار في مشروعات الإسكان حيث إن هناك عجز وإخفاق في عدم توفر مساكن للمواطنين، وأن ذلك سيساعد على حل معضلة الإسكان من خلال قطاعي وزارة الإسكان ودعم صندوق التنمية العقاري لاسيما وأن هناك مليون رقم انتظار للحصول على دعم قرض الصندوق العقاري. وطالب المغلوث بالتوسع في مشروعات البنى التحتية مثل الطرق والبنى التحتية للمدن الجامعية والمعاهد والكليات، إضافة إلى دعم المدن الصناعية في مجال البتروكيماويات لاسيما وأن التوجه المقبل أن تكون المملكة من أكبر الدول المصدرة للبتروكيماويات وذلك يساعد على دعم الصناعة وفتح مجالات توظيف للسعوديين. وأضاف المغلوث: «إن الدين العام للدولة قد ينخفض بنسبة كبيرة ليصل ما دون ال5% لو تم الاستفادة من تلك العوامل، لاسيما وأن أسعار النفط مازالت في مستويات معقولة، مشيرًا إلى ميزانية عام 2013 سينال نصيب الأسد منها قطاعي التعليم والصحية خاصة وأن تلك القطاعين من أهم القطاعات التي يجب التركيز عليها». من جهته أكد الدكتور عبدالرحمن السماري المحلل الاقتصادي أن العام المالي الجديد ستشهد فيه المملكة أكبر ميزانية ستتضمن برامج ومشروعات تنموية جديدة وسيكون النصيب الأكبر لقطاع التعليم الذي يعتبر الأهم ويليه قطاع الصحة والخدمات العامة، فمن الضروري أن يواكب صدور هذه الميزانية توجيه ملكي للجهات التنفيذية في الدولة بأهمية الحرص على تنفيذ المشروعات التنموية المدرجة في الميزانية على درجة عالية من الإتقان والمهنية، مع تعزيز الشفافية في الإنفاق والمراقبة على الصرف والأداء. وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى أن الإنفاق الفعلي سيتجاوز 800 مليار ريال، منوهًا أنه يجب التركيز فيه للمواءمة بين عدة أهداف من أبرزها رفع مستوى معيشة المواطن والحفاظ على النمو الاقتصادي بزيادة سعة الاقتصاد عبر الاستثمار في محركات التنمية وسداد المستحقات من الدين العام الذي يمكن دفعه من خلال الفائض ولو على دفعيتن، وبذلك سيكون انعكاسها على الاقتصاد الوطني في المستقبل مبشر. وأوضح أن ارتفاع حجم الإنفاق سيساهم في تسريع عجلة النمو الاقتصادي واستدامته وفتح فرص أكبر للمستثمرين الذين بدورهم ستكون هناك نقلة نوعية على الاقتصاد الوطني وذلك من خلال المشروعات التي سيتم تنفيذها في البلاد.