توقع محللون ماليون أن تكون الموازنة العامة للمملكة المرتقب صدورها، الأكبر في تاريخ السعودية، وأن تنعكس عائدات النفط على القطاعات الخدماتية التي تمس المواطن في ظل ارتفاع سعر البرميل لأكثر من مائة دولار نتيجة ارتفاع الطلب وثبات العرض والتقلبات الجيوسياسية. وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سيد الخولي ل«الشرق» أن الموازنة العامة للدولة لا تزال تستمد قوتها من إيرادات النفط، التي لا تزال أسعاره بفضل الله مرتفعة، لتمحو ملامح أي توقعات تشاؤمية نحو الأرقام المنتظر كشفها حول الميزانية، مؤكداً أن توفر القوة المالية بسبب ارتفاع إيرادات النفط، ستضمن أرقاما ضخمة في الموازنة, ويتبقى الأهم وهو توزيع إنفاقها على القطاعات، وهو الأمر الأكثر تأثيرا في المستقبل لتحقيق طموحات الجميع بتنويع القاعدة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على النفط. وبين الخولي أنه ما زالت هناك آمال وفرص للنهوض بالاقتصاد والاستفادة مما تبقى للنفط من سنوات لدعم القدرة على توفير إيرادات كبيرة وكافية في الموازنة العامة لتحقيق آمال الجميع في مستقبل واعد، والتخلص من المعوقات الحالية للنمو الاقتصادي وأهمها البطالة وقصور مشاريع البنية التحية وعدم كفاية خدمات التعليم والصحة والإسكان والنقل البري والبحري والجوي.» وأضاف أن تحذيرات صندوق النقد الدولي إذا ما أخذت محمل الجد، فإنه من المتوقع أن تشهد الميزانية المقبلة زيادة في الإنفاق على القطاعات الإنتاجية التي تؤدي بطبيعة الحال إلى التقليل من الاعتماد على البترول كمصدر وحيد للدخل». واتفق عضو جمعية الاقتصاد السعودية عضو الجمعية السعودية للجودة عصام خليفة، مع الخولي على أن تكون ميزانية الدولة لهذا العام من أضخم الميزانيات التي شهدها الاقتصاد السعودي، وبين أن من أبرز ملامحها أنها ستكون «توسعية» متفائلة باستمرار إنتاج النفط لسنوات مقبلة، مما يضع الأسس لحافز مالي قوي للاقتصاد السعودي في 2013، ومن المتوقع أن تنعكس النفقات العامة على شكل زيادة في جميع القطاعات الرئيسية دون استثناء، وأن تعطي الميزانية أهمية للخدمات التي تمس المواطن بشكل مباشر مثل التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والخدمات البلدية والمياه والصرف الصحي والطرق في جميع مناطق المملكة التي ستساهم في زيادة النمو الاقتصادي. وأضاف: فبالرغم من التقديرات المتحفظة للميزانية السابقة في تقديرات أسعار النفط ، حيث افترضت سعر سبعين دولاراً للبرميل ومتوسط إنتاج 8.5 مليون برميل يومياً، وجاءت التقديرات على أساس فائض في الإيرادات عن النفقات يقدر ب 12 مليار ريال، حيث قدرت الإيرادات العامة بمبلغ 702 مليار ريال بينما قدرت النفقات بمبلغ 690 مليار ريال، التي خالفها الواقع حيث تجاوز سعر البرميل مائة دولار نتيجة للأحداث السياسية، كما ارتفع متوسط إنتاج النفط السعودي ليتجاوز 9,5 مليون برميل يومياً، لهذا توقع خليفة أن تحقق الميزانية فائضا حقيقيا وقياسيا في الإيرادات، يتخطى حاجز تريليون ريال في عام 2012، مع وجود فائض كبير يتجاوز 340 مليار ريال، وسيكون لهذه الإيرادات المرتفعة للنفط نتائجها الإيجابية على الموازنة العامة الفعلية للدولة وكذلك على ميزان المدفوعات للمملكة، كما توقع زيادة الإنفاق الحكومي في ميزانية 2013 ليتجاوز حاجز 900 مليار ريال نتيجة للإنفاق الكبير على المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية, ودعم تنفيذ مشاريع الإسكان, والمنشآت الصغيرة والمتوسطة, مشيراً لاحتمالية وصول معدل النمو ل 6% بسبب ارتفاع أسعار النفط, وسياسة التوسع التي تتبعها الحكومة, وتأثيرها الإيجابي على القطاع الخاص وقوة الاستهلاك المحلي. وتوقع أن تحظى مخصصات الإنفاق الاستثماري على النصيب الأكبر من الميزانية، ليحظى بنسبة 45% من حجم الميزانية.