أصبح علم الاتصال يحتل مكانة بارزة ومهمة في أنحاء العالم كافة، فهو جسر مفاتيح النجاح في العلاقات، ولقد ازدهر علمه وارتفع صوته في العقدين الماضيين ليُشكّل الحل الأمثل لكثير من المشكلات في إدارات الأعمال والأسرة والعلاقات على الأصعدة والمستويات كافة، كما خدمه التطور التقني العالي الذي وفّر له بيئة ملائمة خاصة مع اختراع الانترنت وربط أجزاء العالم بعضها البعض في العالم الرقمي مما جعل المؤرخين يحوّلون التاريخ في الحضارة إلى (عصور) وفقا للمتوسط الأكثر استخداما، كما جاء في كتاب: (William McGaughy- five Epoch of civilization)، إذ قسم التاريخ إلى مراحل تبدأ بكتابة (ايديوغرامي) التي أنتجت أول حضارة ثم الأبجدية والطباعة إلى التسجيل الإلكتروني والبث، واتصالات الحاسوب وتلك المراحل في البناء والاتصالات الرقمية والكمبيوتر تؤكد تغيّر الطريقة التي تنظّم البشر وفقًا لأحدث الاتجاهات في الاتصالات التي توصف (Smart Mobbing)، وجاء الإعلام الجديد مواكبة لثورة الإنترنت والهواتف الذكية ليحتلّ جانبًا مهمًا في فلسفة التواصل والاتصال بين أجزاء العالم والناس بشكل خدم الإدارة والسياسة والاستخبارات والأمن والتواصل الاجتماعي والترفيهي لكنه استشرى وطغى على اهتمام الناس وشغلهم عن شؤون حياتهم وأعمالهم وأصاب العلاقات الأسرية في مقتل.. ولقد أسعدنا خبر النقلة النوعية لمفهوم الاتصال والإعلام الذي بادرت به جامعة الملك عبدالعزيز بإنشائها لكلية الإعلام والاتصال بعد تحويل قسم الإعلام الذي كان ضمن كلية الآداب والعلوم الإنسانية - وهي ليست بيئته - إلى كلية مستقلة فهو الخطوة التي كانت جديرة بالسبق منذ زمن، فلقد احتل الاتصال بمفهومه الشامل مرتبة كبيرة ليكون هو الأداة لتحقيق فهم أفضل وأكثر اتساعًا لوظيفة الإعلام التقليدي في المجتمع، إذ رأينا في المؤتمرات والندوات العالمية اتجاه الأغلبية إلى اعتبار (الاتصال) بمفهومه الشامل على قمة الهرم الوظيفي لنشاط العلاقات ومعبرًا عنه. Corporate Communication وهو العنوان الرئيس والمظلّة التي تحتضن وتثري وتحقق نجاح وظائف العلاقات العامة والإعلام وتنعكس إيجابياتها على تحقيق أهداف الإدارة.. ولقد جاء إنشاء كلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز ليشكّل بداية رائعة وموفقة غير أن أمامها العديد من التحديات منها: 1- تحقيق الأهداف التي يفترض أن تشمل: أ) تقديم نظريات الاتصال الحديثة والمفاهيم والمهارات التي يحتاج إليها دارس اليوم في نشاط أصبح غير تقليدي النمط والوسائل والمواد. ب) تشجيع طلاب الدراسات العليا وتزويدهم بوسائط التنمية الحديثة لهذا العلم ومواكبة التطور المتسارع فيه. ج) دعم وتشجيع وسائل البحث في المجتمع خاصة على مستوى ثورة الاتصال في قنوات التواصل في الإعلام الجديد وتحليل الأنماط المتباينة وتأثيراتها على البيئة والمجتمع. 2- توفير شراكات علمية مع جامعات عالمية عريقة للاستفادة فنيًا من بحوث ومهارات علم الاتصال الحديث بمفهومه الشامل ومهارات صقل دارس هذا العلم في بيئة العالم الثالث ليواكب متغيرات النشاط واحتياجات المجتمع منه. 3- وضع خطط إستراتيجية لتحقيق تلك الأهداف تشمل - من خلال الشراكات العالمية- توفير خبراء للمساهمة الفاعلة لنقل التقنية والمهارات الحديثة. 4- أهمية الاستفادة من القطاع الإعلامي العام والخاص في الوطن لزيادة جرعات الخبرات والدروس في الجانب العملي التطبيقي والتدريب في مجالات الإعلام والإخراج والمسرح وليس الجانب النظري فحسب والاستفادة في هذا المجال من أصحاب الخبرة في الوطن للمحاضرة في هذا العلم المهم. وختامًا.. نتمنى أن يواكب الإعلان عند إنشاء الكلية تحركا سريعا لمواجهة تلك التحديات وغيرها وتحقيق أهداف إنشاء الكلية حتى لا تكون تكرارًا للأنماط التعليمية الأكاديمية التقليدية.. وإذا ما توفرت خطة استراتيجية لتوفير طاقم متخصص في تدريس هذا العلم فضلًا عن الاستعانة بالخبراء في الشراكات الدولية، فإنه يمكن وفق تلك الخطة إعداد كادر من أبناء الوطن للنهوض بمسؤوليات التدريس في هذه الكلية وتحقيق أهدافها على المدى المتوسط والبعيد، لتكون إضافة حقيقية تثرى هذا العالم المتسارع في العلم. [email protected]