هذه الحكاية التي استوقفتنا خلال جولة «المدينة» في عدد من القرى التابعة لمحافظة رابغ جعلتنا نعايش حياة البدو الرحل من قرب، وما إن توقفنا بجانب بيت الشعر الذي يسكنه البدو الرحل الا وإذا بكلمات الترحيب تصدح في آذاننا «حياكم الله» تلك الكلمات التي يرددها ذلك الشيخ البدوي الذي تجاوز ال65 عاما نزلنا واستقبلتنا القهوة البرية برائحتها الجميلة، وبدأ الحديث مع العم سليمان بن بادي الذيابي الذي جاء من أم الدوم التابعة لمنطقة الرياض ومعه أبناؤه الأربعة وبدأ الحديث معه وقال: انا رجل بدوي لدي 10 ابناء اربعة منهم معي والبقية في أم الدوم لانهم يدرسون في المدرسة وياتون إليه في وقت الإجازة خلال تواجدي انا وابنائي الأربعة في الأماكن التي تشهد ربيعا، واضاف: نحن البدو الرحل ضيوف الله واينما كان الربيع تجدنا فانا من أم الدوم التابعة لمدينة الرياض ولدي من الأغنام قرابة ال 200 راس وتعتبر هي مصدر قوتي انا وابنائي، ونبحث عن الربيع من أجل إطعامها لانه من الصعب توفير الأعلاف لها في ظل هذه الظروف. تواصل الحديث: وقال تعتبر عملية الرعي متوارثه لدى البدو وكما ورثتها من والدي سوف اورثها لأبنائي لانها تعتبر مصنعا للرجال في مواجهة اقسى الظروف، واضاف: تجدنا كل يوم في منطقة من مناطق المملكة وحيث ما كان الربيع نكون، فعملية الرعي تعتمد على البحث عن الربيع الذي يقصده جميع البدو الرحل من أجل تامين ماشيتهم في الغذاء. وواصل حديثة: نبدأ بعملية الرعي من بعد صلاة الفجر وحتى ساعات الغروب ثم نعود إلي مقر إقامتنا في الخيمة تجدنا نتجول في الربيع خلف الأغنام، وقوتنا اليومي فنجال قهوة و7 حبات من التمر في الصباح وحليب الأغنام شيء رئيسي لابد منه فنحن نشرب حليبها وناكل لحمها فبذلك تجدنا نعتني بها لانها تطعمنا. وبعد الربيع قال نعود إلي مقرنا الرئيسي في أم الدوم وننتظر الربيع حتى يحل في أي مكان ونذهب له، واضاف: نفخر بهويتنا وصفتنا التي تتميز بالبداوه التي نعايش من خلالها اقسى الظروف، فانا في مدرسة الحياة تعلمت فالبداوة تعتبر فخرا ورمزا وتبعدنا عن مشاكل الحياة اليومية التي يعانيها سكان المدن. الهواتف الذكية أصبحت الهواتف الذكية في هذا العصر جزءا لا يتجزأ من حياة ابناء البادية الرعوية فلا غرابة أن يكون أبناء البدو الرحل لديهم أحدث هذه الهواتف الذكية بسبب انتشار رقعة الشبكات الهاتفية في كل القرى النائية والطرقات التي يسكن بقربها البدو الرحل أثناء تواجد الربيع، يقول ابن البادية يوسف الذيابي ليس لاننا بدو رحل لا نملك من التقنية الحديثة والهواتف الذكية شيئا من هذا فمن وجهة نظري أصبح الجميع متفتحين وتجد ابن البادية يضاهي ابن المدينة من حيث التطور التكنولوجي فنحن الان نتناقل صور أجمل فحول الإبل بيننا كابناء بادية عن طريق «الواتس أب» فالتقنية الحديثة ليست حصرا على أحد، فانتشار شبكات الاتصال في جميع القرى ووجود خدمة الجيل الثالث في اغلبها أعطانا دافعا كبدو رحل في الاستفادة منها. شهادات علمية لم تكن عملية الرعي يوما من الأيام حجر عثرة أمام ابناء البادية في مواصلة مسيرتهم التعليمية حتى حصلوا على اعلى الشهادات العلمية واصبحوا على اطلاع بالعالم الآخر، يقول ابن البادية راكان الذيابي: يجب أن تتغير النظرة التي كانت عن البدو الرحل بأنهم أميون فنحن الآن لدينا شهادات علمية وحاصلون على درجات عليا بفضل الله عز وجل ثم بانتشار التعليم بجميع القرى النائية التي يقصدها البدو الرحل، وأضاف: عملية الرعي لم تكن يوما من الايام سببا في إشغالنا عن دراستنا فكنا بعد العودة من الدراسة نباشر عملية الرعي وتجدنا نحمل الكتب معنا من أجل الحصول على اعلى الدرجات. «طفل البادية يرعى صغار الماعز نهارًا ويلعب البلاي ستيشن ليلًا» اطفال البادية في هذا العصر يقومون برعاية «البهم» وهو ابن الماعز الصغير وتكون عملية الرعي صباحًا وما إن يسدل الليل الستار الا وتجده يبحث عن خصم له في عالم البلاي ستيشن، ويرسم الخطط التكتيكية للفريق الذي يلعب به ودائما ما يفضلون برشلونه ويجدون متعة في اللعب إذا كان مع شخص غير معروف لهم وبينه وبينهم بحور ومحيطات، يضيف هنا يوسف: أصبح ابناؤنا ونحن احيانا معهم نجتمع بعد ساعات المغرب ونلعب البلاي ستيشن ونجد متعة التحدي عندما يكون اللعب مع أشخاص من القارة الأوروبية فاغلبنا يعشق البرشا ونستمتع بتعليق رئوف خليف عندما يكون برشلونة في الملعب.