التحول الإستراتيجي الواضح في ميزان القوى بين جيش بشار الأسد والجيش السوري الحر الذي أصبح يميل بشكل واضح الآن إلى جانب الأخير يؤذن بنهاية الحكم الأسدي المقيت الذي وإن طالت فترة احتضاره إلا أنها أصبحت الآن تقترب من صفر النهاية بسرعة متناهية بعد أن أصبحت قوات الجيش السوري الحر قاب قوسين أو أدنى من فرض سيطرتها على العاصمة دمشق، وهو ما يعني بالغة الإستراتيجية -حال تحققه- سقوط النظام بأكمله. فالانتصارات التي حققتها قوات المعارضة في الآونة الأخيرة شاملةاً استهداف قواعد ومطارات ومقار عسكرية ومواقع للرادار والدبابات، وصولاً إلى الاستيلاء على سد إستراتيجي بالقرب من حلب يقع على نهر الفرات وله أهميته الخاصة في توليد الكهرباء في تلك المنطقة من شمال سوريا. هذه الانتصارات المتلاحقة تبرهن على أن قوات النظام بدأت تفقد زمام المبادرة في معارك السيطرة على المدن السورية الرئيسة وفي مقدمتها دمشق العاصمة، وهو ما يعني في المحصلة نهاية النهاية لحكم الطاغية بشار الأسد. الملاحظ أن هذا السقوط المتسارع للأسد ونظامه المستبد يتم دون تمكن حلفائه الثلاثة (روسيا والصين وإيران ، وعلى الأخص الحليف الروسي) من تقديم طوق النجاة لهذا الديكتاتور الذي يصر على الاستمرار في قتل شعبه مراهنًا حتى الآن ورغم الهزائم المتتالية التي تلحق بجيشه، على أن باستطاعته أن يظل حاكمًا لسوريا وشعبها الحر الأبي حتى بعد أن تلطخت أياديه بدماء هذا الشعب الصامد على مدى أكثر من 21 شهرًا. الملاحظ أن الانتصار العسكري الذي يحققه الجيش السوري الحر تباعًا يأتي متناغمًا مع الانتصار السياسي لقوى المعارضة بعد النجاح الذي حققته الشهر الماضي في الدوحة بالإعلان عن ولادة الائتلاف السوري المعارض والاعتراف الذي حظى به من قبل العديد من دول العالم وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا كممثل شرعي وحيد للشعب السوري. لعل أهم ما يلفت النظر في المشهد السوري الراهن في مرحلة ما قبل السقوط المريع لنظام الطاغية بشار الأسد أن الشعب السوري الذي ضرب مثالاً رائعًا في التضحية والصمود من أجل الظفر بحريته إنما يحقق هذا الانتصار وحده وبإرادته الوطنية دون دعم عسكري مباشر أو غير مباشر من الناتو أو غيره.