لازالت ممارسة المرأة للرياضة تُعتبر عند بعض السعوديين -وربما كثير منهم لا أدري- من المحظورات، التي يرون أنها لا تمتُّ إلى العادات السعودية بِصِلَةٍ، كما تتنافي مع القيم الإسلامية. ورغم أن حكومة المملكة قررت السماح للنساء بالمشاركة في أولمبياد لندن في تموز (يوليو) الماضي، فإنه مازال هناك تحفظات لدى قطاع كبير من السعوديين حول المشاركة الرياضية للمرأة، ليست فقط في الأولمبياد في الخارج، بل وحتى في نطاق النشاط المدرسي داخل مدارس البنات!! **** وأدهشني ما قرأته أخيرًا عن ردود فعل بعض أولياء أمور طالبات في إحدى المدارس بمنطقة مكةالمكرمة على خطاب تستقصي فيه إدارة المدرسة رأيهم في السماح لبناتهم بممارسة الرياضة من خلال برنامج أعد خصيصًا، يشمل عدة ألعاب رياضية تحت إدارة مشرفات تربويات. الخطاب يحث أولياء الأمور على مشاركة بناتهم في النشاطات الرياضية، ويؤكد على ضرورة أن ترتدي الفتاة التي تريد ممارسة الرياضة البنطال تحت المريول، حفاظًا على حشمتها أثناء اللعب والتنقل، ويترك أخيرًا لولي الأمر حرية إبداء رأيه بالموافقة أو الاعتراض. لذا استغربت استنكار عدد من أولياء أمور الطالبات هذا الخطاب الذي وصفوه ب"الغريب" من قِبل إدارة المدرسة، كما وصفوا الدعوة ب"الممارسة الغريبة"، التي لا تمتُّ إلى العادات السعودية بِصِلَةٍ، و"تتنافي مع القيم الإسلامية الأصيلة في تربية البنات! **** لقد بقيت بلادنا -حتى أولمبياد لندن الأخيرة- هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحجم عن المشاركة النسائية في الألعاب الأولمبية. لكن الحكومة السعودية رأت مؤخرًا الأخذ بتوصية اللجنة الأولمبية السعودية التي حثت على ضرورة ممارسة المرأة السعودية للرياضة، والمشاركة الدولية منذ سنوات طويلة. وكانت هذه المشاركة في أولمبياد لندن 2012 -في رأينا- تتويجًا لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كي تلعب المرأة دورًا أكثر فعالية في المجتمع السعودي. **** يبقي أخيرًا التأكيد على أن المشاركات الرياضية النسائية الخارجية هي بالطبع ليست فرضًا على كل النساء، فهو لن ينتقص شيئًا في المشاركات، ولن يزيد شيئًا في الممتنعات. لكن المرأة السعودية تعاني، كما هو الرجل، من العديد من الأمراض العصرية كالسكر والضغط والسمنة؛ بسبب قلة الحركة، والإفراط في الطعام، وتشكل الرياضة إحدى أهم سبل الوقاية منها بل وعلاجها. وممارسة المرأة السعودية للرياضة ليست عيبًا، متى التزمت بتعاليم الدين، والعادات والتقاليد والحشمة. لذا فلا أرى فيما أثاره بعض أولياء الأمور ضد مدرسة البنات التي لم يذكر الخبر اسمها، إلاّ رد فعل ومبالغة لا تتناسب مع الموقف. ففي إمكان المعترضين أن يقوموا ببساطة بالرد على الرسالة بالموافقة.. أو الرفض. * نافذة صغيرة: (هناك ضرورة للبدء في ممارسة الرياضة المدرسية النسائية تحت إشراف نسائي، وفي ظل الضوابط الشرعية المعروفة، فقد عانت المرأة السعودية صحيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا من استمرار حال المراوحة هذا (.....) الوسطية هي السبيل الأمثل لمعالجة هذا المشكل).. عبدالرزاق أبو داود. [email protected]