سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العربدة الإسرائيلية متى تتوقف؟! الدماء الفلسطينية ليست رخيصة لكي يهدرها حفنة من الباحثين عن مصالحهم، الذين أوجدوا المبرر لإسرائيل لكي تعربد وتصوّر نفسها أنها هي الضحية
يبدو أن إسرائيل ما زالت تعيش أحلامها التوسعية وغطرستها التي تعوّدنا عليها من حُكَّامها في ظل الربيع العربي والثورات العربية التي أطاحت بأنظمة ديكتاتورية كانت تخدمها، بل كان بعضها يقف إلى جانب إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر في أي عدوان على الفلسطينيين وغير الفلسطينيين. إسرائيل بعدوانها على قطاع غزة ومجازرها الوحشية تريد إرسال رسائل متعددة تتضمن أن ربيعكم العربي لا يخيف إسرائيل التي ما زالت لديها اليد الطولى في الضرب في كل مكان في عالمكم العربي. الرسالة الثانية أنها تريد جس نبض العرب وبخاصة مصر التي أتت فيها قيادة منتخبة يقف وراءها شعب بأكمله وجيش قوي كمًّا ونوعًا، بل تريد إحراج مصر التي تربطها معها اتفاقية سلام وعلاقات دبلوماسية. الرسالة الثالثة تريد تشتيت الانتباه عن مجازر عميلها بشار الأسد الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة مع أرض وشعب. الرسالة الرابعة، يريد نتنياهو استغلال هذا العدوان انتخابيًّا وتقوية موقف حزبه، فالانتخابات الإسرائيلية على الأبواب. الرسالة الخامسة هو معاقبة الفلسطينيين الذين سوف يتقدّمون بطلب للأمم المتحدة لانضمام دولة فلسطين إليها بدون عضوية، أي بصفة مراقب؟! ولا نعرف كيف أن إخواننا الفلسطينيين سوف يقبلون بالانضمام إلى الأممالمتحدة بدون عضوية كاملة؟!! فهذا تنازل مخيف، فإما أن تقبل بعضوية كاملة، وإلا لا تتقدم بانضمام منقوص؟! الرسالة السادسة تريد إسرائيل تغطية عدوانها عندما ضربت مصنع اليرموك السوداني ومهما كانت المبررات تريد إثبات مقولة «العصا لمن عصا»، وأنها شرطية بديلة للغرب في المنطقة. تلك الرسائل وصلت ولكن الذي حصل أنها خسرت ولم تربح فهي لم تحقق أي أهداف. فالربيع العربي ما زال مخيفًا وبعبعًا جاثمًا على صدور الإسرائيليين. فحكام إسرائيل في ورطة، فالشعوب هي التي تحكم وبخاصة شعب مصر الذي خرج من حضانة الدولة العبرية والغربية على زمن حسني مبارك وخسرته إسرائيل، والآن سوف تخسر عميلها بشار الأسد في سوريا، وبذلك سوف تكون محاصرة بربيع عربي طال مصر وسوريا إضافة إلى خسارتها لتركيا وكذلك الملالي والآيات عملائها في إيران الذين سوف يسقطون بعد سقوط بشار. إسرائيل إذا لم تعطِ الفلسطينيين والعرب حقوقهم وإرجاع الأراضي التي احتلتها على الأقل في يونيو1967م فإن العرب سوف يستردون فلسطين بأكملها بإذن الله، وهذه هي الحقيقة التي لم تستوعبها إسرائيل. إسرائيل تتبع المثل العربي القائل: «ضربني وبكى وسبقني واشتكى»، وعندما تورطت ووجدت ردة الفعل العربية قوية ومغايرة لما كانت تتوقع استنجدت بالغرب للتهدئة؟! الحرب الآن لا تحتاج إلى جيوش، بل هي حرب تقنية تستخدم فيها الصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وطائرات بدون طيار، وهذا بمقدور الفلسطينيين الحصول عليها، فالصاروخ الذي لا يصيب يدوش، ونجح الفلسطينيون بوصول صواريخهم -التي يقال عليها إنها بدائية- إلى تل أبيب؛ لكي تثبت أن اليهود جبناء، فأصبحوا يُهرولون في كل اتجاه، وأصبحت القرى الإسرائيلية في الجنوب هدفًا لمرمى الصواريخ، وهي التي يسكنها أكثر من مليون ونصف مليون إسرائيلي، ولنا أن نتخيل لو أن هضبة الجولان وهي منطقة مرتفعة تكون قواعد لانطلاق صواريخ منها، وجنوب لبنان كذلك، ماذا سوف تفعل إسرائيل؟! سكانها سوف يعيشون في المخابئ والملاجئ تحت الأرض، فالقبة الفولاذية لم تسقط إلا نصف الصواريخ التي أطلقتها المقاومة من غزة من أصل عدة مئات، إضافة إلى أنها بحاجة إلى قبب فولاذية في الشمال والشرق؟! وقد يتساءل البعض: لماذا إسرائيل تعربد دائمًا في قطاع غزة، والإجابة واضحة وبسيطة وهي انقسام الفلسطينيين على بعضهم البعض، وتدخل عملاء إسرائيل في المنطقة ممثلة بإيران والنظام السوري لإفساد أي جهود مصالحة بين الإخوة الفلسطينيين. ليس من المنطق، في أي مقاومة للمحتل، أن يكون هناك انقسامًا وتنجح المقاومة. فالتدخلات وتدمير الشعوب والأوطان تنجح عندما تكون مبنية على سياسة استعمارية قديمة تقول: «فرق تسد». الفلسطينيون مثقفون ومتعلمون وأذكياء، ولكن المشكلة في بعض رموز فصائلها وحركاتها، حيث إن هذا البعض يرتمي في أحضان من يُدمِّر وحدتهم الوطنية، وعلى رأسها إيران وسوريا والغرب وإسرائيل؟! وهذا ما تبحث عنه إسرائيل ونجحت فيه نجاحا منقطع النظير، لكي تقول للعالم: ليس لدي شريك في السلام، وأنها ضحية إرهاب وهي التي تقوم بالإرهاب والعربدة بحجة أنها تدافع عن نفسها، لكي تستمر في احتلالها للأرض والبشر والحجر. زعماء حماس في غزة وزعماء السلطة في الضفة يبحثون عن دعم عربي، ولكن هذا لن يتحقق إذا لم تكن هناك مصالحة ووحدة وطنية، وإبعاد كل مَن يُفسد المصالحة بل مُحاكمته، فالدماء الفلسطينية ليست بهذا الرخص لكي يهدرها حفنة من الباحثين عن مصالحهم، الذين أوجدوا المبرر لإسرائيل لكي تعربد وتصول وتجول وتصوّر نفسها أمام العالم أنها هي الضحية وليست الجلاد.