افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة السميثسونيان السيد وين كلوف، في العاصمة الأمريكيةواشنطن، أمس الأول الخميس، معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» في محطته الأولى في الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي يستضيفه متحف سميثسونيان وتستمر فعالياته لمدة ثلاثة أشهر. وحضر حفل الافتتاح الذي حظي بحضور إعلامي أمريكي وعالمي كبير، من الجانب السعودي الأمير تركي الفيصل، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية عادل الجبير، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الشخصيات السياسية والثقافية والدبلوماسية العربية والأجنبية ومنظمات دولية وجهات تعنى بالآثار والتراث والثقافة. وأكد الأمير سلطان بن سلمان في كلمته خلال الافتتاح أن المعرض والذي كانت انطلاقته الأولى في متحف اللوفر بباريس عام 2010م يمثل سلسلة من المعارض التي تقام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين بهدف إبراز ما تتميز به المملكة من بعد حضاري، حيث استطاع هذا المعرض خلال محطاته الأربع في فرنسا وأسبانيا وروسيا وألمانيا أن يستقطب أكثر من مليون وخمسمائة ألف زائر. وقال سموه: إن الجميع يعلم الأبعاد الثلاثة التي تتميّز بها المملكة وتشكل شخصيتها أمام العالم، فالبعد الديني والبعد السياسي والبعد الاقتصادي المؤثرة في المستوى العالمي واضحة للعيان، لكن البعد الحضاري للمملكة تقتصر معرفته على نطاق ضيق لدى المختصين والعلماء والباحثين، ويأتي مثل هذا المعرض للتعريف به وإبرازه أمام العالم، ليحتل هذا الإرث الثمين المكانة التي يستحقها تاريخيًا وحضاريًا وثقافيًا، وبهذا المعرض نريد أن نُبرز أن الدين الإسلامي الذي انطلق من الجزيرة العربية هو دين عظيم احترم جميع الحضارات الأخرى التي سبقته وتمكّن من احتوائها وبنى فوقها الحضارة الإسلامية العظيمة، فرسالة الإسلام تحمل السلام والعدالة للعالم، مؤكدًا اعتزاز المملكة بكونها مهد الرسالة الإسلامية السامية، وموطن الحرمين الشريفين، وفخرها بما تحتضنه أرضها من مواقع أثرية تبرز مشاركة إنسان الجزيرة العربية الفاعل في مسيرة الحضارة الإنسانية وملتقى للحضارات، حيث تقاطعت على أرضها طرق التجارة القديمة. وأكد الأمير سلطان أن الدور الذي تضطلع به المملكة الآن على الصعيد الديني والسياسي والاقتصادي والحضاري وستلعبه في المستقبل لم يأتِ من فراغ، بل هو دور أصيل ناتج عن مكانة المملكة الطبيعية كوريثة لسلسلة حضارات عظيمة توّجها الإسلام وهذبها، فالمملكة دولة وحضارة ليست طارئة على التاريخ، بل إن المكانة التي تتبوؤها اليوم وما تقوم به قيادتها الراسخة هي امتداد لإرث حضاري عريق، حيث تقاطعت فوق أرضها حضارات كان لها دور أصيل في رسم معالم الخريطة الحضارية الإنسانية. وأشار إلى أن عرض المملكة لعدد كبير من آثارها المهمة المتنوعة ذات القيمة الاستثنائية خارج أراضيها، يأتي امتدادًا لحضور المملكة العالمي وما تحتله من منزلة متقدمة على الصعيد الدولي من خلال مكانتها الإسلامية ودورها الاقتصادي وتأثيرها في العلاقات الإنسانية، ويعزّز مكانتها بين الحضارات الإنسانية. من جانبه، أكد رئيس مجلس أمناء مؤسسة السميثسونيان خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المعرض أن هذا المعرض يحمل أهمية خاصة، حيث إنه يعقد بالتزامن مع احتفاء السميثسونيان باليوبيل الفضي على افتتاح متحف ساكلر، مضيفًا أن المعروضات الأثرية لم يُسبق عرضها من قبل في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن معهد سميثسونيان تشرّف بأن يحظى بكونه أول محطة تستقبل هذا المعرض المهم في أمريكا الشمالية. ومن جانبه لفت البروفيسور جوليان ريبي مدير متحف ساكلر في كلمته إلى أنه بينما يواصل علماء الآثار عملهم بالتنقيب في طبقات رمال الصحراء المتحركة، فإن معرض روائع الآثار السعودية أماط اللثام وفي الوقت المناسب عن طبقات الماضي الثرية في شبه الجزيرة العربية، كاشفًا عن التحوّل الجذري الذي شهده القرن السابع في عصرنا والقرن الأول للهجرة. وأضاف: خلال الأربعين عامًا الماضية عكف علماء الآثار على التنقيب واكتشاف المواقع الأثرية عبر شبه الجزيرة وهو ما أسفر عن اكتشافات تخص ماضيا قديما توجد أدبيات ضئيلة عنه ودون دليل ملموس، وجاء هذا المعرض وعبر ما يزيد على 300 قطعة ليفتح أمامنا نافذة تطلعنا ونطل منها على تاريخ شبه الجزيرة العربية. بعد ذلك قام الأمير سلطان بن سلمان ورئيس مجلس أمناء مؤسسة سميثسونيان بقص شريط افتتاح المعرض، ثم قاما يرافقهما كبار الضيوف المدعوين، بجولة في أرجاء المعرض قدم خلالها الدكتور علي الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف شرحًا عن القطع الأثرية المعروضة وما تمثله من دلالات حضارية وأطوار تاريخية تؤكد مدى الثراء الثقافي والعمق التاريخي والبعد الحضاري لأرض المملكة العربية السعودية. وتم خلال حفل الافتتاح تكريم رعاة المعرض، ومسؤولي متحف سميثسونيان، وعدد من المواطنين الأمريكيين الذين أعادوا قطعًا أثرية من المملكة. وستنظم الهيئة العامة للسياحة والآثار ومتحف سميثسونيان برنامجًا ثقافيًا وعلميًا على هامش المعرض، يتضمن محاضرات علمية عن آثار المملكة وأبرز الاكتشافات الأثرية الحديثة والجهود المبذولة من قبل فرق التنقيب الأثرية، يلقيها متخصصون سعوديون وخبراء عالميون، إضافة إلى عرض عدد من الأفلام الوثائقية والصور وتوزيع عدد كبير من المطبوعات والكتيبات التي تبرز البعد الحضاري الذي تتميز به المملكة. كما تشارك وزارة الثقافة والإعلام في المعرض من خلال التغطية الإعلامية للمعرض، وعرض أفلام وثائقية عن المملكة، إضافة إلى مشاركتها بالعروض الفولكلورية التي تمثل مختلف مناطق المملكة. يشار إلى أن معرض روائع آثار المملكة في محطته الخامسة بمتحف سميثسونيان يحوي 320 قطعة أثرية، ومنها قطع عُثر عليها في التنقيبات الأثرية الحديثة، وتغطي هذه القطع الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر الدولة السعودية.