ربما أن فوز الرئيس باراك أوباما في الانتخابات الأمريكية لم يكن مفاجئًا للغالبية العظمى من المراقبين، لاسيما بعد النجاح الذي حققه قبيل بضعة أيام من الانتخابات في التعامل مع إعصار ساندي، وبعد أن نجح قبلها في تقليص مخاطر الإرهاب على أمريكا. ولعله من غير المناسب الاستمرار في ترديد الرأي السائد لدى الشارع العربي أنه لا فرق بين رئيس أمريكي ديمقراطي وآخر جمهوري، لجهة الانحياز الكامل لإسرائيل. فلا يخفى على أحد أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كان يراهن على فوز المرشح الجمهوري ميت رومني، وهو لم يخف خيبة أمله عندما فاز الرئيس أوباما، الأمر الذي يعني ببساطة أن أسطورة تأثير إسرائيل ومعها اللوبي الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة على الانتخابات الأمريكية وتحديد ماهية الرئيس الجديد ليست قاعدة عامة يمكن الأخذ بها. يمكن القول في ضوء النصر الذي حققه أوباما في انتخابات الثلاثاء إن استحقاقات هذا الفوز بدأت فعليًا منذ الأمس، وهي استحقاقات تتيح له درجة أكبر من الحرية للبت فيها وبلورتها على أرض الواقع بعد تحرره من ضغوط الولاية الأولى وهاجس التجديد، فقد أصبح الآن سيد نفسه بما يوفر له الفرصة لاتخاذ ما يراه مناسبًا لمصالح أمريكا الحيوية في الشرق الأوسط، وبما يفتح له المجال كي يحقق رؤيته في حل الدولتين وتحقيق السلام في المنطقة الأكثر توترًا في العالم نتيجة استمرار تعنت إسرائيل وتنصلها من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. هنالك العديد من المؤشرات التي تدعو إلى التفاؤل بأن أوباما بصدد تحقيق اختراق على صعيد حل قضية الشرق الأوسط المزمنة، فإن كان نجح في إيجاد واقع غير مسبوق في التاريخ الأمريكي باعتباره أول رئيس لها من أصل إفريقي، وإن كان نجح في الانتخابات لولاية ثانية بانتزاع النصر من بين أنياب المحافظين الجدد، فإنه لابد وأن يكون قادرًا على صنع السلام على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي استنادا لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من يونيو 1967، وهو ما يتوافق مع طموحاته كرئيس يتطلع إلى دور ريادي جديد لأمريكا ينبض بالأمل، الذي يعني أيضًا الحق في تقرير المصير.