أصبحت العنوسة قضية أولوية بل وفي رأس قائمة القضايا الاجتماعية في الدول التي دخلت في الربيع العربي، بعد أن كانت في ذيل القائمة في الأنظمة السابقة. ولذلك أصبح للعوانس هناك كلمة لابد أن تسمع، وشعار لابد من احترامه، ومطالب لابد من تنفيذها؛ وهذا ما دفع أحد مواقع التواصل الاجتماعي على الفيس بوك في ليبيا إلى توجيه رسالة إلى مصطفى عبدالجليل «رئيس المجلس الوطني الانتقالي»، فيها نوع من الطرافة، وكثير من التساؤلات للحكومات الجديدة في إمكانياتها لحل معضلة العنوسة التي زادت أكثر وأكثر بعد ثورات الربيع العربي. تقول الرسالة: «العوانس يقولون.. سوف نبقى هنا، بانتظار رجل, سوف نبقى هنا، عوانس بلا أمل .. موطني موطني أين هما عرساننا؟!! موطني موطني ما هو مصيرنا؟!!، سيدي عبد الجليل نرجو منك ألا تنام، والتفت للأمر حالاً فمشكلاتنا أهم!!. وإن استصعب عليك الأمر .. مالك إلا بان كي مون يعقد مجلس الأمم, عله يصدر قرارا يفرج عنا كل هم». الآن كل حكومة جديدة تفكر بالشباب وحقوقهم، وتعلن احترام رغباتهم، والسعي لتنفيذ مطالبهم، وأي تجاهل لهم سيدفعهم إلى خسارة شريحة الشباب العريضة والتي ستفقد الثقة بهم، وحينها سيكون مصيرهم هو مصير سابقيهم. ولذا .. التحدي القادم لكل الحكومات هي إشباع رغبة الشباب الطبيعية والتي هي غريزة فطرية في النفس البشرية، بدونها لن يكون هناك استقرار لا للشباب ولا للفتيات. تأخر الزواج الآن أصبح ظاهرة، بل قنبلة تسمى بالعنوسة، دفعت العديد من صفحات التواصل الاجتماعي إلى تبني الموضوع، وطرقه صباحًا ومساءً. والمتتبع لما تنشره تلك الصفحات يجد أن أكثر طرحها يتسم بالطرافة ولكن تلك الطرافة ممزوجة بالنكهة السياسية والثورية التي تعيشها تلك البلدان، من هذه الطرافة ما ذكره موقع ليبي خاص بالعوانس، تقول الطرفة بأن «عروسًا عانسًا عندما كشف زوجها عن وجهها؛ قالت له: «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية!!». هي طرفة تذكرنا بمقولة شهيرة لأحد التونسيين في الثورة التونسية، لكنها حقيقة بل وحقيقة مرة، تعاني منها العوانس. ولذلك بدأت الجمعيات الليبية بالتيقظ والحذر للحد من هذه الظاهرة، الأمر الذي دفع المكتب التنفيذي لشؤون الزواج والأسرة بليبيا لرفع شعارات ترغب بالزواج والتعدد، منها؛ «من أجل ليبيا أفضل .. أختي المواطنة تبرعي بزوجك من أجل أختك العانس!!». وفي المستقبل .. سنشاهد رسائل ورسائل للإعلام، والمجتمع، والحكومات، والمنظمات العالمية، وسيكون الوضع الاجتماعي أهم من الاقتصادي بل وأهم من الوضع السياسي لأن التاريخ لم يشهد باستقرار أمة أو دولة أهملت وضعها الاجتماعي. ولذلك يجب أشد الوجوب، أن تكون العيون في هذا العصر منصبة على تكثيف إنشاء الجمعيات الاجتماعية عمومًا، وعلى جمعيات مكافحة العنوسة خصوصًا، من أجل أن لا نسمع فتاة في المستقبل تقول في يوم زفافها «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية». عبدالعزيز جايز الفقيري- تبوك