نشرت صحيفة سبق قصة عن ممرضة عانس بلغت ذروة العنوسة المتأخرة (44) عامًا. كان أملها في الزواج ما زال حيًا لم ينقطع، وكانت آخر محاولاتها مع رجل يعمل في دفع العربات بالحرم. تقول صاحبة القصة: بدأت قصتي قبل ثمانية أشهر عندما حضرت مع والدتي للحرم لأداء العمرة، وفي المسعى كان هذا الشاب يعمل في دفع العربات، ودفع عربة الأم، ومن باب العطف أعطيته مبلغاً زيادة عن الأجرة، وتبادلنا الأرقام. وأضافت أنه من أول اتصال طلب الزواج منها، وشرح ظروفه المالية الصعبة، فأخذت الفتاة قرضاً من البنك وأعطته مبلغ 80 ألف ريال، لعله ينفذ وعده واتفاقهما بالزواج، رغم عدم خروجها معه ومقابلتها له طوال فترة معرفتهما». وطبعًا نهاية القصة معروفة؛ وهي جحود، وابتزاز، ونكران، من ذلك الشاب، ووصلت القضية إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام. هذه القصة واحدة وقد ظهرت، ولكن هناك المئات من القصص المشابهة لها، ولكن لم تظهر، ولم تخرج، بل هي محبوسة في صدر فتاة عانس، أخافها المجتمع، وساهم في عزلتها، وتسبب في معاناتها. سؤال .. ما الذي دفع تلك الفتاة العانس لتحويل مبلغ 80 ألف ريال لشاب لا تعرفه، ولا يعرفها، ولم يجمع بينهما سوى عربة يدفعها ذلك الشاب؟! الذي دفعها هو فقدانها لأمل مساعدة المجتمع لها في الحصول على زوج كريم، يقدرها ويحترمها. لديها المال، ولديها القبول بفكرة الزواج، ولكن لم تجد من يساعدها في اختيار الزوج، ولذلك تقدم بها العمر، ووجدت نفسها أمام رقم هو (44) .. فمن يطيق هذا الرقم من المقبلين على الزواج؟ استغل عنوسة فتياتنا، وخوف بعضهن من الدخول في عالمه، أقطاب متعددة. فهذه الخطَّابات منهن المؤمنة، وأكثرهن تحت رغبة من يدفع لها أكثر؛ فالشاب المتحرر يصبح متدينًا عند تلك الخطابة، والفتاة السمينة تصبح رشيقة، وهكذا خرجنا من قضية العنوسة، لنقع في كارثة الطلاق؛ والسبب خطابة تريد المال، لا المساهمة في جمع رأسين بالحلال - إلا ما رحم ربي -. وهذه مواقع الزواج، خرجت لنا بعضوية ذهبية وفضية، ورسوم، وإمكانية تبادل الصور، والرسائل، ووصلت للمحادثات الفورية؛ ولكن لأن غالبها أو 99% منها هدفه المال، من خلال الرسوم التي يدفعها كل مشترك؛ لأجل هذا ذهبت بركتها، ولم يحصد منها المجتمع إلا فُتاتاً لا يذكر؛ بل منها ما أصبح قنبلة لزواج المسيار، ومستنقع للتعارف بين الشاب والفتاة ومن الفتيات من خرجت بكامل زينتها إلى الأسواق، وأخذت تلتقط الأرقام من كل متسكعٍ لا يؤمن بالأعراض؛ فمنهن من نهش عرضها، ومنهن من أخذ مالها بالابتزاز، ومنهن من تعرضت لسلب الاثنين معًا؛ العرض والمال، وذلك هو الخسران المبين. ألا يفرح فتياتنا وشبابنا العوانس بجمعية تحتضنهم، وتزوجهم، وتحل مشكلاتهم، وتسكّن آلامهم، وتحميهم من الاستغلال، والابتزاز، والعزلة؟! جمعية للعوانس مطلب وطني حقيقي يحتاجه المجتمع؛ فأين الوطنيون؟ وأين الغيورون؟. عبدالعزيز جايز الفقيري- تبوك