تمثل مؤسسات الطوافة ركيزة أساسية من ركائز الخدمات المقدمة لقاصدي وحجاج بيت الله الحرام حيث تستقبل الحاج من لحظة وصوله وتتولى العناية به ورعايته خلال رحلة الحج، وهي الواجهة الحضارية التي تعكس الصور الناصعة لهذا المجتمع وعندما يأتي ذكر أسماء رؤساء مؤسسات الطوافة منذ إنشائها يأتي اسم المطوف عدنان محمد أمين كاتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة جنوب آسيا كواحد من الأسماء التى حفرت اسمها في الذاكرة ووضعت بصماتها وحظيت بتقدير واحترام المسؤولين المعنيين بخدمة ضيوف الرحمن وغيرهم. في هذا الحوار يتحدث كاتب عن مسيرته وإنجازات المؤسسة وتطلعاتها وطموحاتها المستقبلية وصولًا إلى أرقى مستويات الخدمة لضيوف الرحمن، فإلى تفاصيل الحوار.. **- منذ وقت مبكر اتجهتم إلى الخصخصة.. أو ما يمكن أن نسميه الاستعانة ببيوت الخبرة.. بعد مرور فترة على التجربة.. ما هي فلسفتكم في هذا التوجه، وكيف تقيمونها ؟ «- شرعت المؤسسة منذ سنوات في التوسع في العمل بمفهوم (صناعة الخدمات) من خلال التعاقد مع شركات ومؤسسات وطنية متخصصة لتقديم الخدمات المركزية من تقنية معلومات واستقبال وحاسب آلي وإشراف ومتابعة وشؤون عامة وخدمات هندسية .. وفق أسس ومعايير صناعة الخدمات، التي تعتمد على جداول الكميات وقياس المؤشرات، التي تم إيرادها في ملاحق الخطة التشغيلية للمؤسسة لموسم حج هذا العام 1433ه. وقد سعت المؤسسة إلى تطبيق هذا المفهوم من أجل الحصول على خدمات نوعية وكمية ذات جودة عالية. كيانات مستقلة **- تتجهون إلى جعل المكاتب الميدانية كيانات مؤسساتية متكاملة، نريد أن نعرف شيئًا عن خطواتكم في هذا الاتجاه ؟ «- من بين أهداف التنظيم الذي نفذته المؤسسة لخدمة الحجاج التابعين لها، تأهيل مكاتب الخدمة الميدانية مهنيا لجعلها كيانات مستقلة، لتقوم بأداء المهام المناطة بها في خدمة ضيوف الرحمن، وفق معطيات العصر ومستجداته المتلاحقة، بالإضافة إلى إذكاء روح التنافس الشريف فيما بينها، من أجل راحة وطمأنينة الحجاج الكرام. وقد بذل مجلس الإدارة جهودًا كبيرة في هذا الشأن، وحرص على توفير المناخ المناسب لهذه المكاتب من أجل أن تتميز وتبدع في جميع المهام والمسؤوليات المناطة بها. وكان من نتاج هذا التوجه أن أصبحت المكاتب الميدانية كيانات مستقلة تتمتع بقدر كبير من الحرية في التعاقد مع الحجاج، وتقديم الخدمات الإضافية لهم سواء من حجاج الشركات السياحية أو البعثات، بالإضافة إلى المرونة العالية في كيفية التشغيل وحسن الأداء، ومن ذلك قيامها بتنفيذ وإنهاء إجراءات توثيق عقود إسكان حجاج بعثات الحج الرسمية والشركات السياحية التابعة للمؤسسة.. الأمر الذي مكّنها من تحقيق الكثير من الإنجازات المتفردة على مستوى جميع مؤسسات أرباب الطوائف، ومن ذلك حصول جميع هذه المكاتب في عام 1431ه على شهادة الجودة العالية (الآيزو). المؤسسة الالكترونية **- (المؤسسة الالكترونية) عنوان ضخم للتحولات والتطوير في أعمال المؤسسة ماذا تم حتى الآن ؟ «- قامت المؤسسة منذ وقت مبكر باستخدام الحاسب الآلي وأنظمة المعلومات في جميع أعمالها. ومنذ عام 1428ه انتقلت المؤسسة في تعاملاتها الإدارية من الأسلوب الورقي التقليدي إلى الأسلوب التقني (الالكتروني)، وواصلت المؤسسة في السنوات التالية تطوير أنظمتها الحاسوبية وتقنية المعلومات، وذلك باستحداث العديد من البرامج الحاسوبية ومنها على سبيل المثال نظام توثيق تسليم جوازات الحجاج ونظام تحديد مواعيد الوصول والمغادرة وأعداد الحجاج المغادرين وبرنامج تشكيل أعضاء مكاتب الخدمة الميدانية الكترونيًا. وبرنامج تحويل عوائد مطوفي ومطوفات المؤسسة إلى حساباتهم البنكية الكترونيًا. ومشروع (المرشد لخدمة الحجاج) وذلك لإرشاد الحجاج إلى مواقعهم في المشاعر المقدسة. **- بعد هذه السنين الطويلة على رأس الهرم.. بالتأكيد حققتم الكثير من المنجزات، التي جعلت منكم مؤسسة متميزة.. ما الذي لم يتحقق إلى الآن وتحول إلى هاجس كبير لكم) ؟ - طموحات مجلس إدارة المؤسسة لا تقف عند ما تم إنجازه فحسب، بل لدينا أفكار ورؤى مستقبلية تتمحور في تحقيق المزيد من الإنجازات والتميز في سبيل خدمة ورعاية ضيوف الرحمن، وكذلك إيجاد مصادر دخل إضافية من أجل رفع المستوى المعيشي وتوفير الحياة الكريمة لجميع مطوفي ومطوفات المؤسسة، ونحن ماضون في دراسة هذه الأفكار من أجل تنفيذها على أرض الواقع بمشيئة الله تعالى. نجمة باكستان ..الدلالة والمكتسب **- نجمة باكستان.. ماذا يعني هذا الاستحقاق لمؤسسة جنوب آسيا ؟ وماذا يعني لكم أنتم ؟ «- هذا التقدير الكبير من دولة باكستان الشقيقة رئيسًا وحكومة وشعبًا سيظل مصدر فخري واعتزازي وتقديري، ولاسيما أنه امتداد للتكريم الذي نلته من دولتي الرشيدة -أعزها الله- في عام 1423ه بحصولي على (نوط الحج) من يد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا -تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته-. وبطبيعة الحال فإن حصولي على هذا الوسام الرفيع يعود بعد توفيق الله تعالى وفضله ومنّه للدعم الكبير والرعاية الكريمة التي يحظى بها القائمون على خدمة ورعاية ضيوف بيت الله الحرام من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية. وكذلك المتابعة الواعية الأمينة والاهتمام الشخصي لوزيرالحج الدكتور بندر بن محمد حجار ورجال وزارته، وأحب أن أنوه هنا بأن هذا الوسام ليس تكريمًا لشخصي فحسب، وإنما هو تكريم لجميع مطوفي ومطوفات مؤسسة جنوب آسيا، لتضافر جهودهم والتفافهم حول مجلس إدارة مؤسستهم. الاستثمار.. قضية فكرية **- تنمية موارد المؤسسة والأَهِلّة أنموذجا.. كيف تخططون للاستثمار ؟ «- في إطار حرص مجلس الإدارة على تطوير موارد المؤسسة والارتقاء بخدماتها شكّل منذ سنوات لجنة للاستثمار من بعض أعضاء المجلس، وقد قدمت اللجنة العديد من الدراسات الاستثمارية بالاستعانة ببيوت الخبرة والمختصين في هذا المجال وكان من ثمار جهودها مشروع الأَهِلّة الاستثماري، الذي شارف على الانتهاء وسيكون معلمًا حضاريًا بارزًا في مكةالمكرمة وسيقدم خدماته لساكنيها وزائريها من الحجاج والزوار والعمار، كما سيوفر مردودًا ماليًا ثابتًا لجميع مطوفي ومطوفات المؤسسة. وما زالت اللجنة تواصل القيام بمسؤولياتها من خلال دراسة القضايا والمشروعات الاستثمارية مع الأخذ في الاعتبار أن تكون هذه المشروعات ذات طابع يتناسب مع طبيعة مهنة الطوافة ومسؤولياتها الكبيرة تجاه ضيوف الرحمن. التغيير في البنية النظامية **- بصفتكم أحد القياديين البارزين والقديمين في أعمال الطوافة وخدمة ضيوف الرحمن، هل تتوقعون حدوث تغيير مع نظام مؤسسات الطوافة الجديد ؟ «- إن إعادة هيكلة مؤسسات أرباب الطوائف وإلغاء صفة التجريبية عنها وتثبيتها والذي تم إقراره من قبل مجلس الوزراء الموقر في عام 1428ه سوف يسهم بدون أدنى شك عند تنفيذه في إحداث تغيير كبير في البنية النظامية لهذه المؤسسات وطبيعة عملها، وسيرسخ مكانتها الاعتبارية والمهنية وسيفتح لها آفاقًا رحبة في مواكبة مستجدات العصر واستشراف المستقبل. المكاتب والمبادرات الخلاقة **- تعجبني بعض المكاتب التي تحاول أن تخرج ب(الخدمة) من مجرد (خدمة) مقننة إلى (مبادرة) ما هي أبرز المبادرات التي تقوم بها بعض مكاتبكم ؟ «- أشرت في معرض إجابتي عن السؤال الثاني إلى جهود المؤسسة من أجل تأهيل مكاتب الخدمة الميدانية وتوفير المناخ المناسب لها حتى يتسنى لها أداء المهام المناطة بها تجاه ضيوف الرحمن بكل اقتدار. ونتيجة لهذه المعطيات استطاع الكثير من هذه المكاتب ابتكار وتنفيذ الكثير من المبادرات والتجارب المتميزة، وتقديم خدمات مجانية للحجاج وتوفير عربات خاصة تحمل شعار (الرفادة المتنقلة) من أجل تقديم الوجبات الخفيفة والعصائر والمياه الباردة للحجاج الذين تعطلت حافلاتهم سواء داخل مكةالمكرمة أو خارجها، بالإضافة إلى القيام بعيادة الحجاج والحاجّات المنومين والمنومات في المستشفيات ومؤانستهم وتوفير خدمة (النت) للحجاج مجانًا للاتصال بأهلهم وذويهم. وبطبيعة الحال فإن المؤسسة تشجع على تنفيذ هذه المشروعات والمبادرات الرائدة، وتبذل كل ما في وسعها لدعمها ومساندتها حتى تحقق أهدافها، كما تثمن وتقدر لأصحاب هذه المبادرات جهدهم وعطاءهم. معايير تدريبية **- تُولي مؤسستكم عناية خاصة بتدريب وتأهيل منسوبيها، نأمل منكم إلقاء الضوء على هذا الجانب وماذا حققتم من إنجازات ؟ «- قام مجلس إدارة المؤسسة بوضع خطة تدريبية شاملة وطويلة المدى لتدريب وتأهيل منسوبي المؤسسة -ولاسيما الأجيال الجديدة من المطوفين وأبنائهم والموظفين الجدد- بالتعاون والتنسيق مع مركز تدريب العاملين في الحج والعُمرة التابع لوزارة الحج، وسعينا من خلال تنظيم الدورات التدريبية لإكساب مطوفينا المهارات والخبرات اللازمة في مجالات أعمالهم وتزويدهم بالأُسس العلمية للتعامل الفعّال، وبفضل من الله تعالى ثم بتضافر جهود منسوبي المؤسسة، وتفاعلهم الإيجابي الكبير مع تلك الفعاليات التدريبية، حققنا إنجازات كبيرة وكثيرة لا يتسع المقام لذكرها، تُوجت بحصول المؤسسة على جائزة مكةالمكرمة للتميز في مجال خدمات الحج والعمرة، بوصفها أفضل مؤسسة مقدمة للخدمة في موسم حج عام 1430ه، إضافة لمحافظتها على الاستثمار في مردودات المؤسسة لخدمة مطوفيها ومطوفاتها، كذلك حصول المؤسسة على جائزة المدينةالمنورة للتميز في أعمال الحج في مجال تراسل بيانات عقود إسكان الحجاج في المدينةالمنورة لموسم حج عام 1431ه. المرأة والطوافة **- تحرص مؤسستكم على إتاحة الفرصة للمطوفة للمشاركة الفاعلة في خدمة ضيوف الرحمن حدثونا عن هذا الجانب ؟ «- وضع مجلس الإدارة منذ عدة سنوات خطة لتشجيع المطوفات وبنات المطوفين للانخراط في العمل الخدمي بصورة تتناسب مع مكانتهن ودورهن الفعّال ولاسيما أن المطوفات يمثلن نصف عدد مساهمي المؤسسة، وكانت البداية في عام 1426ه بإنشاء لجنة نسائية تعمل على رعاية الحاجّات المريضات والمنومات بالمستشفيات وتفقد أحوالهن وأوضاعهن، وفي إطار التجديد والتطوير الذي دأبت المؤسسة على القيام به فقد توصل مجلس الإدارة في عام 1429ه إلى رأي بتحويل هذه اللجنة إلى لجنة نسائية تطوعية لاعتبارات تنظيمية وقانونية ولا يقف دور المطوفة في مؤسستنا عند هذا الحد، حيث تتيح المؤسسة لمطوفاتها العمل في خدمة ضيوف الرحمن من خلال توكيل غيرهن من الرجال المحارم للعمل نيابة عنهن، وذلك وفق الضوابط التي حددتها الأنظمة والتعليمات. ويبلغ في موسم حج هذا العام عدد المطوفات الموكلات سواء لأزواجهن أو أبنائهن أو أقربائهن (457) مطوفة ويمثل هذا العدد من وكلاء المطوفات أكثر من (50%) من الأعضاء العاملين في مكاتب الخدمة لميدانية التابعة للمؤسسة. هذا هو جديدنا **- ما هو جديد مؤسسة مطوفي جنوب آسيا لهذا العام ؟ «- تسعى المؤسسة في كل عام إلى استحداث خدمات جديدة تسهم في توفير المزيد من الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن، ومن أبرز هذه المستجدات في موسم حج هذا العام التوسع في نقل الحجاج التابعين للمؤسسة في رحلة الحج بواسطة قطار المشاعر المقدسة. وتنفيذ وإنهاء إجراءات توثيق عقود إسكان حجاج بعثات الحج الرسمية التابعة للمؤسسة بمكةالمكرمة من خلال مكاتب الخدمة الميدانية. وتشجيع ودعم مكاتب الخدمة الميدانية على تقديم خدمات تطوعية مجانية متنوعة لجميع الحجاج التابعين لها انطلاقا من الشعور بالمسؤولية المناطة بها تجاه راحتهم وسلامتهم وطمأنينتهم بوصفهم ضيوفا للرحمن ورفع نسبة الحاجّات المستفيدات من برامج اللجنة التطوعية النسائية من خلال حث المطوفات وبناتهن للمشاركة في أعمال اللجنة. كما سيتم الاستمرار في تطوير أنظمة الحاسب الآلي وتقنية المعلومات والتوسع في تحسين وتطوير أداء العاملين بمكاتب الخدمة الميدانية من خلال إشراكهم في الدورات التخصصية التي يقيمها مركز تدريب العاملين في الحج والعمرة ورفع نسبة التواصل الاجتماعي بين رؤساء مكاتب الخدمة الميدانية وحجاج المكتب في فترة موسم الحج نحل معوقاتنا علميًا **- ما هي المعوقات التي تواجهكم ؟ «- تظهر بين فترة وأخرى بعض العقبات والإشكاليات، نتيجة للمستجدات والمتغيرات التي تؤثر على واقع الميدان الخدمي، إلا أن هذه العقبات تزول بالتخطيط الجيد والإعداد المسبق، والعمل الدؤوب. لذلك كله أولت المؤسسة جانب البحث العلمي أهمية خاصة، حيث تتبنى بصورة دائمة إعداد الدراسات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، نقل المرضى والمتوفين في مناطق الازدحام وخاصة في أوقات الذروة، وإيصال العجزة والمسنين إلى مواقع مخيماتهم في المشاعر المقدسة، ووضع المرضى المتحسنين بعد خروجهم من المستشفيات يومي السابع والثامن من ذي الحجة، وكيفية إدارة مخيمات مكاتب الخدمة الميدانية، وإرشاد الحجاج التائهين في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة.