أقيم لقاء تاريخي نظمته جمعية المحافظة على التراث العمراني مساء الخميس الماضي برعاية أمانة محافظة جدة ومجموعة أصدقاء التراث العمراني والهيئة العامة للسياحة والآثار، لإزالة اللبس حول المبنى التاريخي الواقع على ضفاف بحيرة الأربعين بجدة، وذلك لاختلاف الكثير على حقيقته، واشتباه الكثير عليه بأن يكون كنيسة!!. وقد شارك في هذا اللقاء كل من: الدكتورة لمياء باعشن، والمهندس عبدالله بكر، والمهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة التاريخية. وأعلنت الدكتورة لمياء باعشن خلال مشاركتها بأنها زارت هذا المبنى في طفولتها وتذكر العديد من الحقائق التي نقلت إليها عن تفاصيله من خلال عائلتها التي كانت تربطها علاقة مباشرة مع صاحب المبنى. فيما اشار المهندس عبدالله بكر إلى الحديث عن هذا المبنى التاريخي الواقع على ضفاف بحيرة الأربعين وذلك لكشف بعض من الحقائق والمعلومات المرتبطة به وهذا ليس بالنقاش الحديث فسبق وأن تناولت العديد من المواقع المختلفة الكثير من الروايات والقصص المنقولة عنه، ومثلما نعرف فإن الأمور الغريبة تنتشر بسرعة ولا نعلم إلى الآن حقيقة هذا المبنى ولكن سننقل الصورة التي توصلنا إليها وسنترك لكم من بعدها حرية النقاش. وأضاف: بحسب تواصلي مع بعض الشخصيات الذين عاصروا تاريخ هذا المبنى ومن خلال إطلاعي على بعض المقالات والكتب التي بحث كتّابها في هذا الموضع، فقد توصلت إلى أنه في منتصف القرن التاسع عشر أن السيد علي عبده الجهني كان هو الذي بدأ بناء هذا المبنى وشاركه بنّاءٌ مشهورٌ في جدة التاريخية حين ذاك واسمه حسن محول، وإضافة إلى ذلك فقد تحدثتُ للعم محمد رقام وهو بمثابة المؤرخ الآن لما يملك من الكثير من المعلومات عن جدة القديمة وقد اخبرني أن السيد علي عبده قام ببناء المبنى التاريخي بمساعدة بعض البنّائين ومنهم العم حسن محول وأنه شخصيًا زار صاحب البيت عدة مرات وجلس فيه ولم يذكر بأنه كنيسة أو فنار للسفن كي تهتدي به السفن وذلك لأن موقعه غير مناسب لأن يكون فنارا، واستند على صحة حديثه بذكر مقالة للأديب الراحل محمد صادق دياب والذي نفى أن يكون المبنى كنيسة أو فنارًا للسفن وقد أشار في آخر حديثه بأنه لم يوجد مبنى سابق قبيل هذا المبنى حيث كانت الأرض خالية قبل بنائه وهذا حسب المعلومات التي سمعتها من العم محمد رقام، إلى جانب أن من قام ببناء المنزل ليس له أبناء. وعادت الدكتورة لمياء باعشن وذكرت بأنها ستتحدث كشاهد عيان، حيث أن السيد محمد علي عبده -وهو قريب لوالدتها- كان يسكن في وسط البلد مستأجرًا في منزل البغدادي وبعد أن تم رفع الإيجار عليه غضب وطلب منحة من الدولة ليحصل على أرض وقد حصل عليها بمساعدة أحمد سرور الصبان في هذه المنطقة المقام فيها هذا المبنى الآن وحينها كانت أرضا خالية من المباني وتولى هو البناء بنفسه بمساعدة بعض العمال والبنّائين الذين كان يشرف عليهم، مضيفة على حديثها بأنها زارت المبنى في صغرها ولم تشاهد آثارًا دالةً على كونه كنيسة، إلى جانب أن السيد محمد علي كان رجلاً فنانًا متأملاً جيدًا وعازفًا للعود واختياره للسكن بالقرب من البحر لعشقه للصيد، وقد عاش فيه قرابة الخمسة عشر عامًا وتوفي في الستينيات من عمره بعد أن خرج من المنزل بنصيحة أحد الأطباء له بسبب كثرة الرطوبة في المنزل والتي لا تتناسب مع وضعه الصحي حينها. بدوره، قال المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة التاريخية : إنه لا يختلف مع أقوال الجميع بأن يكون هذا المبنى التاريخي فنارا للسفن أو منزلاً ولكنه ضد أن يُطلق عليه كنيسة وذلك لعدم صحة تلك الأقاويل والتي استشهد على عدم صحتها بعرضه لبعض الخرائط والمعلومات القديمة التي توصل إليها. كما ذكر بأن العم حسن محول سبق وأن تحدث إليه وذكر له بأنه قام بترميم المنزل، مما يؤكد أن المبنى كان موجودًا من قبل أن يسكنه محمد الجهني، ليصبح السؤال هنا: هل قام محمد ببناء المنزل أم بترميمه؟؟. كما نفى في حديثه ما يقال بأن المبنى التاريخي كان كنيسة قديمة، وذلك بتأكيده على أن الأجانب شديدي الحرص على تراثهم وما يتعلق بأملاكهم، وتساءل قائلاً: لماذا يتنازل الأجانب عن المبنى ويتركونه إن كان تابعًا لهم؟.. كما استدل على حديثه باستعراض عدد من الخرائط الموثقة للمبنى وإطلالته على البحر في جدة القديمة، حيث أنه بحسب إحدى الخرائط ذكر بأن مسمى المبنى هو بيت أمير البحر وهو شخص أجنبي ولكنه لم يذكر بكونه كنيسة وهذا دليل آخر يدحض ما يذكر من أقوال وشائعات مختلقة حول المبنى وحقيقته. هذا وختم نوار حديثه بقوله: من المفترض أن لا يقوم سكان جدة باثبات إن كان هذا المبنى كنيسة أو لا، ولكن يجب على من يرمي بتلك الشائعة أن يقدم دلائله وإثباتاته الملموسة وأن لايعتمد على التضليل . «المدينة» تحدثت لرئيس جمعية المحافظة على التراث العمراني الشريف أحمد الهجاري والذي أشار إلى أن هذه الأمسية من الأمسيات المميزة التي قدمتها الجمعية برعاية الأمانة وأصدقاء التراث العمراني وهيئة السياحة والآثار، حيث دار النقاش مع مجموعة مختصين نقلوا لنا حقيقة هذا المبنى التاريخي، وأوجه لهم جزيل الشكر على تكرمهم بالحضور واجتماعهم بالأجيال المقبلة التي من حقنا عليها ان نقوم بتعريفهم بحقيقة تاريخ منطقتهم وما تحويه من مباني وأثآر قديمة، وأشار إلى ان الجمعية قدمت فكرتها لهيئة السياحة والآثار على أمل أن يتم اعتمادها قريبًا.