من أكبر النعم التي يجود بها الله جل وعلا على المرء في حياته الاجتماعية أن يجنبه اللؤم وشروره. فاللؤم خلق خسيس دنيء، واللئيم مخلوق خلت نفسه من مقومات الشرف والكرامة، يقابل الإحسان بالإساءة. لذا نصت الكثير من الأقوال الحكيمة على عدم مؤاخاة اللئيم والتعامل معه. قال الشاعر: واحذر مؤاخاة اللئيم فإنه يُبدي القبيح وينكر المعروفا واللئيم شخص لا تجدي معه الملاينة، ولا ينفع معه الإكرام وحسن التعامل. بل هو يزداد سوءًا في التعامل والتصرف الخشن مع الملاينة. ويقابل الإكرام بجحود ونكران وعداوة. وقد صدق الشاعر حين قال: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا وذلك لأن اللئيم يسعى في إخفاء الحسنات، ويُجسّم السيئات.. وينشر الفساد ويشيع الباطل. فإن كنت تتمتع بمزايا حسنة، وعمل صالح، وحسن معشر، حاول إخفاء ذلك، وسارع إلى كشف المعايب والإرشاد إليها، وتلذذ بإلحاق الضرر بالآخرين. لا ينجو من أذاه أحد.. ولا يمنع مكره عن أحد. يقابلك بملامح كاذبة، وبسمة صفراء باهتة، نادرًا ما تخفق في اكتشاف ما في نفسه من عداوة وفساد، ومكر وخبث ودهاء. واللئيم من فرط خسّته، وسقوط نفسه لا يمكنه أن يسلك مسلك الشرفاء في الوصول إلى أغراضه، ولا يستطيع أن ينهج نهج الكرام لإدراك رغائبه. فالخيانة والغدر والمكر والنفاق بضاعته ووسيلته للوصول إلى أهدافه. ويظن البعض أن محاولات الإحسان إلى اللئيم قد تجعله يحيد عن طريقه ويسلك المسلك الراقي في التعامل، ويتخلق بالخلق الحسن. بيد أن ذلك يعد ضربًا من المستحيل، إذ يصعب إصلاح اللئيم وإنقاذه من سوء طبعه. بل يصعب الظفر بمودته والنجاة من مكائده. ولا يزيده تقديم المعروف له إلا سوءًا، ولا يقابل الخير إلا بمزيد من الشر، ولا يرد على الجميل إلا بقبيح الفعل والعمل، ولو تمكن منك انقلب كوحش ضار لا ينفع معه إصلاح ولا إرشاد، ولا يذكر معروفًا ولا يعترف بجميل وخير طريق للتعامل معه اجتنابه، والزهد في صداقته وأخوّته، فالبعد عنه غنيمة، وإغلاق الباب دون التعامل معه مكسب، وظفر عظيم. [email protected]