مع انتشار التجاوزات الإدارية، ودفن الكفاءات، والتفاضل على أساس الواسطة والولاءات الشخصية في بعض من المنشآت الصحية، ازداد الأمر سوءا بتوحيد رواتب الأطباء السعوديين وتجميدها، وإلغاء حوافزهم وعلاواتهم السنوية، كما تمّ مؤخّرا حسْم بدلات النُّدرة التي أقرّها ولي الأمر، من رواتبهم الشهرية في المستشفيات التخصصية، ليتساوى بذلك من يعمل مع من لا يعمل، ومن ينتهي دوامه بعد الظهر، مع من يستمر حتى قُبَيْل مغيب الشمس، ومَن تخصّص في تخصصّات دقيقة، خلال سنوات طوال من التعب والمجهود، تحيط به شتى أنواع الضغوطات، ومخاطر الأخطاء الطبية، مع مَن تخصّص في تخصص عام أو أقلّ كَلَفة، كما ضاقت صدور معظم الأطباء السعوديين، نتيجة الاستمرار في تجاهل تنفيذ الأمر الملكي (عام 1427 ه) الذي سَمح للأطباء السعوديين في القطاعات الحكومية، بالعمل في القطاع الصحي الخاص، بعد انتهاء دوامهم الرسمي. الكفاءات الطبية الوطنية - كغيرها - في حاجة ماسّة إلى المال كي تُنفق منه على أُسَرِها، وتسدّد ماعليها من ديون بنكية، وتحيا حياة كريمة في ظلّ ارتفاع الأسعار، وتطاير الرواتب في تسديد الفواتير المتراكمة، وتكاليف مدارس الأبناء التي يُحرم منها الأطباء السعوديون، وتُعطى لزملائهم من الوافدين، فضلا عن أقساط السيارة، ومحاولات الادخار لشراء منزل يسترها، ولا يتسنى ذلك مع ما يواجهونه من غُبْن، وتجميد رواتبهم والاقتطاع منها، خلافا لتوجيهات ولي الأمر بتحسين أوضاعهم، مما جعل الهجرة إلى دول الجوار، وبعض المجتمعات الغربية، ذات العُروض والبدلات المغرية، أمرًا مُشوّقا لكثير منهم، وبخاصة الذين أنهوا تدريبهم بعد إقرار الكادر الصحي الجديد، ومساواته غير العادلة برواتب غير مجزية، تَقِلُّ بكثير عن رواتب زملائهم في التخصصات نفسها، في حين تصل رواتب الأطباء في بعض دول الجوار، إلى ضعفي راتب الطبيب السعودي في مجتمعه، كما اضطر بعضهم إلى الاستقالة، والارتباط بقطاعات خاصة، تدفع لهم أكثر مما تدفعه بعض القطاعات الحكومية. لقد ضاق الخناق حول كثير من الاستشاريين السعوديين، وأصابتهم خيبة الأمل جراء التخبّط الإداري، وعدم جدوى المُطالبات، وتجاهل بعض المسؤولين الرّد على استفساراتهم من تحت ركامهم الإداري، لكن لسان حالهم مازال يردد بصوت مخنوق: "أنقذونا أنقذونا، قبل فوات الأوان". [email protected] [email protected]