مُسلسل ممل، ذو أداء درامي غير مُقنِع، ومَشَاهد مُتكررة غير مُتْقنة، وتنفيذٍ ارتجالي، وإخراجٍ يحتاج إلى إعادة نظر. لن أُكرر ماتناولَته مقالات كثيرة عن مُعاناة الكوادر الصحية السعودية، ولن أعزف اللّحن النشاز عن المشكلات المعروفة للكادر الصحيّ الجديد، ولن أتساءل مُجدّدا عن أسباب تأخير تنفيذ الأمر الملكي بالسّماح للأطباء السعوديين بالعمل في القطاع الصحي الخاص بعد دوامهم الحكومي، أو أنتقد استمرار التضييق عليهم، وأسلوب المُداهمات غير اللائق، فقد بات الحديث عن أوضاع الأطباء مصدر قلق وملَل وتضجّر. لكني أتناول واقع إحباطٍ شديد تَمكّن من معظم الأطبّاء السعوديين، مما دفع بعضهم إلى العزوف عن الإبداع، وتوخّي الحَذَر من مضاعفات أو أخطاء طبّية، فنتيجة الإحساس بالغُبن، والشعور بقلّة التقدير وعدم الأمان، في ظلّ تجميد الرواتب، وإلغاء الحوافز، وشُحّ الأسِرّة، وقلة الأوقات الُمتاحة لإجراء عملياتهم الجراحية، إضافة إلى تهميش الكفاءات المُتميّزة منهم، فَقَد كثير من الأطباء السعوديين حماسهم المعهود، ولجأوا إلى اللامبالاة، والإحجام عن العمل غير العاجل، وتأخير الحالات غير الطارئة، والاكتفاء ببعض المَهام الروتينية والأعمال الإدارية، ولسان حالهم يقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!. ماقلته قد يثير حفائظ بعض الناس، ويُسارعون قائلين: "إن مِهنة الطب مِهنة إنسانية" !! وهذا صحيح، ولكن، هل يُبرر ذلك زيادة الضغط على الأطباء، أو التقليل من مكانتهم، أو تجاهل مَطالِبهم المنطقية، إلى حد تفكير بعضهم في الاستقالة والهِجرة ؟ أليس الطبيب إنسانا، له احتياجات وتطلّعات، أجّلها لسنوات دراسة وتدريب طويلة ؟ ولماذا لا يُنظر إلى مِهَن حساسة أخرى على أنها "مِهَن إنسانية" تتطلب إخلاصا، وإتقانا، وتقديرا خاصا ؟!. لقد انخرط حديثا بعض الأطباء في مزاولة تجارة العقار، أو فَتْح مطعم أو بقالة، لقضاء أوقات فراغهم المسائية، عوضا عن مزاولة تخصصاتهم الدقيقة، تجنّبا للمضايقات والمداهمات، وليساعدهم دخلهم من التجارة في سداد ديونهم البنكية، وضمان حياة كريمة لأبنائهم، وأُسرهم. هذا هو - حسب رؤيتي - واقع كثير من الأطبّاء السعوديين هذه الأيام، فهل من سبيل لتحسين أوضاعهم، وتحقيق تطلعاتهم لخدمة وطنهم في واقع أفضل، ومستقبل أكثر إشراقا ؟!. [email protected]