يَربطني منذُ سنين خلت مع الأخ الصديق والكاتب الأستاذ مازن يوسف الصالح الودُّ المشترك الذي يتّكئ على سببين: * أحدُهما أننا نتقاسمُ العمل في التجارة، فهمومنا وشكوانا ومتطلباتنا واحدة، وإنْ كان كل منّا ينْأَى بنفسه بالانتماء إلى (قطاع) بعينه، لكنّنا في الوقتِ نفسِه، شكوانا وفرحنا وحبنا للعمل الحر يطغى على الحديث. * وثانيهما أنّنا نتقاسمُ العمل في نادي الصم بجدة. تشْهدُ على ذلك مساهمة أخي مازن المخفية التي أختلف معه في أنها لابد أن يعلم بها الناس ليحتذوها، ولعلها بذرته الأولى في دعم تأهيل بناتنا التي نمت وأينعت وتوّجت بعمل الصماوات في القطاع الخاص التي نأمل أن يؤتى ثمارها عند الله. فما دمنا في الأثر فلن نسبق المؤثِّر، ويكفينا إن اقتربنا من خطِّه وتبعنا نهجه في العمل الخيري. أحيانًا نتمنى أن نكون مثل "نماذجنا"، فالخطى إليهم تطوّرٌ يتجاوزُ فوارق الأعوام والأفهام التي يفترض فيها. أمّا بالنسبة لي فقد عرفتُه (إنسانًا) شامخَ النفس، متّقدَ العقل، قبل أن أتعَّرفَ على أبيات شعره ونثره، تعرّفت على عطائِه المتميّزِ في دعم الصم، لتمكينهم من العمل وإدماجهم في المجتمع الذي يرسُو في ذَاكرة أبنائنا وبناتنا من ذوي الاحتياجات السمعية. اليوم لن أعرج على شعره الجميل، بل ما يهمني أن ألفت الانتباهَ إليه هو البُعد الإنساني الذي كان له حُضُور رَئيس في الكثيرِ من أقْوالِه وأفعَالِه في درُوب البر، ما ظَهَر منها للناس وما بَطن. أخي الكريم الصالح يحبُّ فعلَ الخير حُبًّا جمًّا، لكنه يكْرَه أن يعلَمَ بذلك أحدٌ، عدا مَنْ يعنيهم أمرُه، ويكرَه وبذاتِ القُوة، أن يُشَاعَ العلمُ به إِعْلاميًّا. وهذه أحدُ المعَالمِ البَارزةِ في (إنسانيته) التي أقيم لها الحُجَّةَ والدليل في أكثر من موقف. وبعد... إنسانية مازن الصالح تجلّت في قربه من أفئدة الناس، وشفافية روحه المتصالحة مع الآخر "سماحةً وودًا" في العمل الخيري، هذه الإنسانية حَاولتُ تقريبَها إلى ذهن القارئ الكريم، وتجسيدها عبر حروفي الخميسية، من خلال سيرته الإنسانية الرائعة عَلّي أوفيه بعضًا من حقه. [email protected]