يُكّنى “أبا نورة” واحتفظ بالكنية، حتى بعد أن رزقه الله ابنه عبدالرحمن -حفظه الله- فحين يغني أبو نورة يسمعه العرب في لبنان ومصر، ويسمعونه من المحيط للخليج، ويخترق صوته العواصم الأوروبية، فمنذ كنت طالبة، يعانق صوته “بارك لين”، والشانز ليزي، حتى خلافاتنا تمتد إلى عمل الكاشيرات، وتتوحد حينما تتجه بوصلة الغناء صوب فنان العرب محمد عبده، فهو مفتاح الطرب، يغني للوطن وللمنتخب وللإعاقة. هذا البلد الذي أنتج فنان العرب، في حاجة لمن يسلّط الضوء على جانبه الإنساني، فالقارئ الكريم يعرفه فنانًا ولا يعرفه إنسانًا. محمد عبده -عزيزي القارئ- له مشاركات إنسانية كسفير للنوايا الحسنة، وعضو في نادي الصم بجدة. يشاركنا في مناسباتنا، وملتقياتنا، ونكسب من حضوره لقضية الصم الإعلام، ومحبة البشر لهذا الإنسان. تشرفنا بمشاركته في دورات لغة الإشارة بالغرفة التجارية بجدة المدعومة من صندوق الموارد البشرية، وهدف هذه الدورات التواصل للموظفين للمنشآت الخاصة التي توظف ذوي الاحتياجات السمعية ليتمكن المجتمع التواصل معهم نساءً ورجالًا، فقد يفقد الأصم وظيفته، ويتعثر في بيئة العمل لعدم تمكنه من التواصل، ولمشاركته الكريمة دعمًا لصندوق الموارد البشرية، والتواصل مع الإعاقات السمعية. يتحدث فنان العرب عن تجربة أحمد ابن أخته الأصم بقوله: إن أحمد كان سعيدًا بعالمه الصامت، وعندما استخدم سماعة الأذن لأول مرة قال: “عالمنا الصامت جميل يا خال، عالمنا ليس فيه ضجيج، وليس فيه شقاق ولا نفاق، أعيدوا لي عالمي يا خال”. تجربة أحمد، أصبحت كطائر الأمل الجميل أينما تحط تتبعها أنظار ذوي الاحتياجات السمعية، فلولا الفنان محمد عبده ما عرف الناس شيئًا عن أحمد ومعاناته، لقد ترجم لنا معاناة الصم في تجربة أحمد. هذا غيض من فيض عن محمد عبده الفنان، بل محمد عبده الإنسان. فهو ابن هذه الأرض الطيبة التي أنجبت الكثير من أمثاله المبدعين الذين نفتخر وتفتخر البلاد بهم، بما قدموه وصنعوه، من مجد وإبداع في عالم الفن والإنسانية. أبو نورة نموذج للكفاح والتواضع؛ فما عدا عن أن يكون نجمًا على الأرض يسير الهوينى لتحقيق أهدافه الفنية والإنسانية، واحدًا بعد الآخر؛ وهل يجازى إلاّ الشكور؟!. [email protected]