تأثّر عددٌ كبيرٌ من المحرّجين في الأسواق الشعبية بجدة، وعلى وجه الخصوص سوق الصواريخ، بفضائيات التسوّق في طريقة عرض البضائع، وإجراء تخفيضات عليها، بل إن البعض بات يطرحُ مسابقاتٍ ثقافيةً على الزبائن، وعند الإجابة عن بعض أسئلتها يوهمه بأنه كسب الجائزة، ومن حقه شراء السلعة بسعرٍ منخفضٍ. ويشير المحرّج عمر أبوطالب الذي أبعدته مهنة التحريج على الخردوات عن أسلوب حياته الهادئ، خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية، التي قضاها في المهنة قائلاً: «أستخدمُ في تحريجي أسلوبي الخاص لجذب الزبائن، وذلك عن طريق بعض الأسئلة الثقافية التي لا يعرفها إلاّ القليلُ ممّن يتردّدون على ذلك السوق الشعبي، الذي يأخذ عنه تلك الفكرة المحدودة نسبيًّا، ثم أقومُ بالتحريج على قطعة أو قطعتين، وأبدأ برفع السعر شيئًا فشيئًا حتى أتأكّد أن أكون قد ربحت الربح المعقول». ولدى أبو طالب ثلاث بنات: «نورة، وريم، وإبتهال، وولدان»، وليست لديه الشهادة العلمية التي يعبر بها غمار الوظائف، فأضطر لسد حاجة أبنائه الخمسة من تلك المهنة التي يعتبرها الكثير مهنة مَن لا مهنة لديه، لكنه يعتبرها مهنة الشرفاء؛ لأنه لا يضطر إلى مد يده للغير. ويضيف: «وأولادي وزوجتي ينتظرون عودتي كل يوم؛ لنحسب كم جنينا من ذلك التحريج، والمبلغ الذي أخرج منه كل يوم من ذلك الحراج بسيط، لكن في النهاية أقوم بتسديد إيجار البيت، وإطعام أولادي، وكل يوم أخرج به من البيت أتوكل على الذي يرزقني كما يرزق الطير». ويشير إلى أنه يحصل على تلك البضائع ممّن يريد بيع أثاثه، أو بعض الأجهزة، وأن أكثر الذين يريدون بيع بضائعهم يكونون متعجّلين، وبحكم خبرته في مهنة التحريج يحرص على بيع البضاعة بأسرع وقت ممكن. ويوضح عمر الشري أنه يعمل بسوق الصواريخ منذ فترة طويلة جدًّا، مبديًَا انزعاجه من بعض المحرّجين الذي يروّجون للبضائع بمكبرات غريبة الشكل، وذات أصوات مرتفعة، ويتفوّهون بألفاظ خارجة، لكنه يرفض في ذات الوقت نقل السوق من مكانه الحالي. ويشير إلى أنه يطرح بعض الأسئلة للزبائن في حالة الإجابة عنها يتم البيع له بسعر مخفض. وعن آليات البيع والشراء في الحراج يقول يوسف الجيزاني: «يكون هناك شخص يريد بيع أثاثه، فيكون هناك اتفاق بينه وبين ذلك المحرّج ليبيع بضائعه بأي سعر، ولو بنصف ثمنها؛ لأنه يريد بيعها مهما كان السعر، وذلك هو حال الحراج.. السرعة في البيع، وهي التي تفضل المحرّجين عن بعضهم. أمّا محمد العمري فيجد في الحراج البضائع الرخيصة من أجهزة، وجوالات جديدة، والتي تكون أسعارها مرتفعة في أماكن فاخرة.