حلّقت روح الشاعر الدكتور غازي القصيبي في فضاء قاعة الشربتلي بنادي جدة الأدبي مساء أمس الأول وهو يحتفل باليوم الوطني، قارئًا «الوطن في شعر غازي القصيبي» برؤية الدكتورة فائزة الحربي مشاركة مع عضوي مجلس الشورى الدكتور عبدالله المعطاني، وحمد القاضي، فيما تولى إدارة دفة الأمسية الناقد حسين بافقيه. استهلت الأمسية الدكتورة فائزة بورقة حملت عنوان «الوطن في شعر القصيبي المعنى والدلالة» أشارت في سياقها إلى تعدد معاني الوطن لدى القصيبي فمنها ما كان يظهر مواقفه من الوطن جليًا وآخر يستبطن المعنى من خلال استدعاء الشخصيات التي كان من خلالها يعبر عن مواقفه الوطنية، مثل موقفه من الإرهاب الفكري، وقضايا الوطن العربي، والحلم بالعدالة والمُثُل.. ماضية إلى القول إن المواطنة الحقة عند القصيبي ليست بالتطبيل والغناء له ولكنه الحلم للوطن والعمل لأجل تحقيق ذلك الحلم مع الأمانة والإخلاص التي هي على عاتق كل مسؤول مهما كان دوره.. مختتمة بقولها: إن دلالات شعر القصيبي لم تكن طافية على السطح بقدر ما تحققت من خلال المتن السردي وبنائها المعماري العميق عبر استنطاق الشخصيات المستدعاة التي أبرزت مواقف الشاعر لمعنى المواطنة، فقصيدة «ريم» رفض للإرهاب بكل أشكاله المتجسدة على هيئة الغيلان، وقصيدة «الموت في حزيران» مثّلت الهم الجماعي لدى الشاعر لقضايا العروبة والوطن السليب، وقصيدة «الأشج» هي مطالبة مبطنة بالعدالة ونبذ الفساد الإداري على تعدد مظاهره. ورقة حمد القاضي «الوطن في شعر الدكتور غازي القصيبي قراءة في الجانب الإنساني» تناولت العديد من العناوين الفرعية والتي تناولت شخصية القصيبي ومنها فراق الأم وانطفاء فرحة العودة، الوطن والطفولة في شعره، الغربة والصحراء والإنسان، غازي القصيبي والعمل الإداري المؤطر بإنسانيته، إدارته والحوافز وقصة الشفاعة، معترك الكهرباء إدارة وشعرًا، الملح الإنساني في عمله الإداري، الجانب الثقافي وخطابه التسامحي. مختتمًا بتناول جانب المرأة المحبوبة والوطن الأبهى بقوله: في شعر غازي الإنسان نجد ثابتين يتألقان كثيرًا في قصائده إما مجتمعين أو منفردين هما «الأنثى المحبوبة» و»الوطن الأبهى»، فعلى خاصرة الأنثى يتكئ عندما يرتئي أن يبث شجنه وشكواه وغرابيل زمانه، ويهرع إلى الوطن عندما يتوق أن يرسم أحلامه ويترجم طموحاته، ففي قصيدته الباذخة التي عنوانها «يا أعز النساء» يجسّد هذا المكوّن الثنائي المرأة والوطن. أما الدكتور عبدالله المعطاني فتناول في حديثه «مفردة الوطن في شعر غازي القصيبي» أوضح فيها أن القصيبي بوطنيته الصادقة تفاعل مع كل أحداث الوطن مثل كارثة جلاجل التي راح ضحيتها طالبات في عمر الورود بقصيدته «الموت في جلاجل»، وكذلك في قصيدته «يا ريم» التي وجهها إلى الطفلة ريم تركي العصيمي التي استشهد أبوها أثناء تطهير الحرم، محللاً قصيدته «أجل نحن الحجاز ونحن نجد» التي غناها الفنان محمد عبده أثناء أزمة الخليج بقوله: في هذا النص تحديد جغرافي لتكتسب الدلالات عمقا تاريخيا يقتحم الصور التي تشكل انفجارًا عاطفيًا يرتفع فيه صوت الفخر والاعتزاز والتحدي، ولذلك ردد القصيبي لفظة «نحن» التي حولت النص إلى صرخة انفعالية قوية، كذلك تناول المعطاني قصيدة القصيبي «أنشودة العروبة» بالتحليل أيضًا. عقب ذلك ألقى فيصل مغربي قصيدة «حديقة الغروب» للقصيبي، ليفتح المجال من ثم لبعض المداخلات التي لم تتجاوز الأربع؛ استهلها الدكتور يوسف العارف أشار فيها إلى أن قصيدة القصيبي «حديقة الغروب» تلخّص كل ما كان يقوله غازي القصيبي عن الوطن، فيما ركز المهندس سعيد الغامدي على عدم إغفال كتابات القصيبي الأدبية الأخرى غير الشعر، بينما ألمح الدكتور مراد مبروك في مداخلته إلى تضاد الثنائيات في شعر القصيبي، وقدم الدكتور إبراهيم نتو قصيدة إلى روح الشاعر غازي القصيبي.