يختبر القتال في سوريا مجتمع العراق الهش والديمقراطية الوليدة، ويزيد من ذلك تدهور التوترات الطائفية ممّا يدفع العراق أكثر نحو إيران، ويسلط الضوء على أوجه القصور الأمني بعد تسعة أشهر فقط من إنهاء القوات الأمريكية لاحتلالها الطويل المكلف هناك. لقد أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مؤخرًا جنود بلاده على الحدود الغربية مع سوريا بمنع الرجال البالغين، وحتى الأزواج والآباء مع عائلاتهم، من العبور إلى العراق، إلى جانب الآلاف من اللاجئين الفارين من الحرب الطاحنة في البلد المجاور.. ولدى المسؤولين الأكراد في أقصى شمال العراق مصدر آخر للقلق يتعلق أيضًا بالقتال عبر الحدود. فقد كثف الطيران الحربى التركي هجماته على المخابئ الجبلية للمسلحين الأكراد الذين حفزتهم عمليات القتال الجارية والحرب في سوريا على شن ضربات خاطفة في العمق الحدودي التركي. لقد لفت تمدد الحرب السورية نحو العراق الانتباه إلى حقائق مزعجة لمسؤولين أمريكيين توضح بشكل جلي انه بالرغم من تسع سنوات من التدخل العسكري الأمريكي هناك الذي كلف 19 مليار دولار في شكل مساعدات ومبيعات أسلحة. فالأمن في العراق غير مؤكد، وتحالف حكومة المالكي مع حكومة نجاد في طهران آخذ في الازدياد. وبالتالي تخشى القوى المهيمنة في العراق من فوز المتطرفين المناوئين لها في سوريا، لذا يقترب العراق من إيران، التي لديها مصلحة مماثلة في دعم بشار الأسد. بعض زعماء العشائر في العراق قالوا إن هناك بالفعل بعض الدلائل على أن المتمردين في العراق حاولوا التنسيق مع مقاتلي سوريا لتفجير حرب إقليمية طائفية، إذ ذهب مقاتلون من الأنبار إلى سوريا لدعم طائفتهم، فيما ذكر الشيخ حميد الهايس، وهو زعيم قبلي في محافظة الأنبار، غرب العراق، الذي قاد مرة واحدة في مجموعة من المتمردين السابقين الذين غيّروا ولاءهم «وكوّنوا إحدى الصحوات»، وانضموا إلى الأمريكيين في الحرب ضد تنظيم القاعدة في العراق.