جدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رفض حكومته التدخلات الخارجية في الشأن العراقي، بعد يومين من تحذيرات اطلقتها الولاياتالمتحدة بأنها قد تغير التزاماتها في حال عدم تحقيق مصالحة وطنية في البلاد، فيما كشف نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن ان المالكي ناشده إقناع الأكراد بإلغاء دستور إقليم كردستان الذي أقره برلمان الإقليم مؤخراً وسيتم الاستفتاء عليه بعد نحو أسبوعين. وقال المالكي في كلمة القاها خلال زيارته لمحافظة الانبار (غرب) «لن نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا، او يريد ان يكون مشرفاً على العملية السياسية والمصالحة الوطنية». ووجه نائب الرئيس الاميركي الجمعة تحذيراً غير مسبوق في بغداد خلال اجتماعه بالمسؤولين العراقيين، وبينهم رئيس الوزراء الذي سيتوجه قريبا الى الولاياتالمتحدة. وقال مسؤول اميركي رفيع يرافق بايدن «اذا تجدد العنف فهذا الامر سيغير طبيعة مهمتنا. كان بايدن مباشرا جدا حول هذه النقطة». لكنه استدرك قائلاً انه بإمكان العراقيين حل مشاكلهم في ما بينهم بما ينسجم مع الدستور والتفاهم بين المجموعات العراقية، وخصوصاً العلاقات بين المنطقة الكردية ووسط البلاد. واكد المالكي رفضه الامر، قائلا «لا نريد مشروعاً من اية دولة بخصوص العراق». وطالب العراقيين عموماً والسياسيين خصوصا بوقفة جادة بالقول «ما علينا في الأيام المقبلة الا مواجهة المشاريع والاجندات الخارجية»، وتساءل «هل يقبلون ان نتدخل في شؤونهم؟». وتابع: «لا نسمح بأن يكون العراق ساحة للصراعات والأجندات الاقليمية». وكان الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أعلن في تصريح لقناة «العراقية» السبت، ان على نائب الرئيس الاميركي ان ينقل الى الرئيس باراك اوباما رغبة العراقيين المشتركة في حل امورهم في ما بينهم، ورفض ان يتدخل اطراف آخرون في الشؤون العراقية، محذرا من ان ذلك سيعقد الامور ولن يحل شيئا. وتوجه رئيس الوزراء للعراقيين، قائلا «ادعوكم الى المشروع الوطني ونبذ المشاريع الطائفية ونريد ان يكون هناك ائتلاف قوي ومتماسك لجميع العراقيين» مؤكدا ان «التحدي الأكبر هو مواجهة مشاريع التدخل الخارجي التي بدأت تدخل علينا من كل صوب». وشدد المالكي خلال زيارته لمحافظة الانبار ولقائه المسؤولين المحليين وشيوخ العشائر وقادة امنيين على ان مشروع حكومته هو «المشروع الوطني الذي يضم جميع المكونات، السنة والشيعة واكراد وتركمان ويزيديين وشبك وصابئة». وطالب العراقيين بنبذ الطائفية ومحاربة الفساد، قائلا ان «جذر الفساد هو الطائفية، والفساد السياسي». وتابع: «امامنا تحديات نحو الاستقرار والقوة والتماسك، وعندما نتحدث عن الضرورات فإن اولها التلاحم في المشروع الوطني» من اجل بناء «حكومة قوية قادرة على حماية العراق وسيادته». وكان نائب الرئيس الأميركي كشف، في لقاء مع شبكة «أي بي سي» الأميركية أول من أمس، عن طلب المالكي إقناع الأكراد بإلغاء دستور إقليم كردستان الذي أقره برلمان الإقليم مؤخراً. وأكد بايدن أن زيارته للعراق جاءت لتحقيق الاستقرار السياسي لضمان سحب القوات الأميركية في الموعد المحدد. وأوضح ان «خطتنا تتألف من فقرتين، الأولى تتمثل بسحب القوات بحسب جدول زمني معقول، والثانية أن نترك بلدا مستقرا وآمنا. وأحد أسباب زيارتي للعراق هو لتحقيق الفقرة الثانية من الخطة، والتي تتطلب تحقيق اتفاق سياسي على قضايا مهمة بين العرب والأكراد والأطراف الأخرى. وأعتقد أننا في طريقنا لتحقيق ذلك». ورداً على تصريح الناطق باسم الحكومة علي الدباغ الذي رفض فيه التدخل الأميركي في عملية المصالحة الوطنية، قال بايدن: «هذا يتناقض مع ما قاله المالكي لي، الذي أشار إلى أن العراق قد يطلب المساعدة الأميركية في تحقيق المصالحة. وطُلب منا أن نساعد الأممالمتحدة في التوصل إلى حلول لقضية كركوك والخلاف على الأراضي المتنازع عليها. وطُلب مني أيضا إبلاغ القادة الأكراد أن دستورهم الذي تم تمريره في البرلمان الكردي يعيق التوصل إلى حل للخلافات». وعبر بايدن عن اعتقاده بأن تصريح الدباغ هو للاستهلاك المحلي، لتجنب ظهور الحكومة العراقية مظهر التابع للولايات المتحدة. وأعرب بايدن عن ثقته في قدرة العراقيين على إدارة شؤون لبلادهم قائلاً: «نعتقد أن العراقيين قادرون على المحافظة على أمنهم، وأنهم سيتمكنون من تشكيل حكومة جديدة في أواخر الشتاء ضمن الإطار الزمني المحدد للانتخابات المقبلة». وتوقع أن تتم العملية الانتخابية بسلام على نحو يؤكد أن التجربة الديموقراطية في العراق تتجه نحو النضج بصورة تدريجية. واختار المالكي منزل زعيم «صحوة العراق» أحمد ابو ريشة كأول محطة له في زيارته الاولى الى محافظة الانبار بعد انسحاب القوات الاميركية من المدن، واعتبرت مصادر ان «زيارته تأكيد لدعمه للصحوة وعشائر المحافظة» من جهة «والتذكير بعلاقة المالكي الوثيقة بالسنة وعدم الحاجة الى المصالحة مع البعثيين» من جهة ثانية. واجتمع المالكي بمحافظ الانبار قاسم محمد عبد ورئيس مجلس المحافظة جاسم محمد والقادة الامنيين في المحافظة في مضيف ابو ريشة، وبحث معهم في الاوضاع الامنية بعد انسحاب القوات الاميركية، وعقد اجتماعا موسعا مع المسؤولين المحليين في المحافظة وبحث في بناء مدن الانبار وتشجيع الاستثمارات الخارجية ودعم الامن. ورحبت عشائر الانبار بالزيارة، وقال رئيس مجلس انقاذ الانبار الشيخ حميد الهايس ل «الحياة» ان «الزيارة هي دعم لعشائر الانبار وللاستقرار الامني في المحافظة». وعن امكان طلب المالكي من عشائر الانبار وقواها السياسية الانضمام الى «الائتلاف» الانتخابي الذي يسعى الى تشكيله بديلا من «الائتلاف العراقي الموحد» الشيعي السابق، لفت الهايس الى ان «غالبية العشائر والقوى السياسية في الانبار تجري محادثات مع الشيخ همام حمودي (قيادي في المجلس الاعلى) للانضمام الى الائتلاف». لكنه اشترط ان «يكون الائتلاف الجديد وطنيا وبعيدا عن الطائفية وان يؤمن بوحدة العراق ويدافع عنها لأن ابناء العشائر لن يقبلوا بالمشاريع الطائفية». من جانبه اكد القيادي في «حزب الدعوة» وليد الحلي ان «الزيارة تأتي لتثمين موقف عشائر وأهالي الانبار الذين حققوا اولى الانتصارات الامنية ومن محافظتهم بدأت نهاية القاعدة ومشروعها الطائفي»، مضيفاً في تصريح الى «الحياة» ان «الزيارة تهدف الى توجيه رسالة مفادها ان الطائفية في العراق انتهت الى غير رجعة» مشيراً الى ان «الحكومة عازمة على تطوير اقتصاد المحافظة وتحسين الخدمات وانجاز المشاريع العملاقة فيها»، نافياً ان تكون الزيارة لبحث توسيع «الائتلاف» لافتاً الى ان «الزيارة تهدف اساساً للوقوف على الواقع الامني والاطلاع على الواقع المعيشي والخدماتي لأبنائها».