في قاموس الأمة فإن القيادة تقترن بالبطولة عندما تكون تلك القيادة قادرة على صنع التاريخ.. فالقائد البطل هو القائد الذي يوحد شعبه ويحركه ليصنعوا معًا مجد الوطن ضمن شراكة متينة لا تنفصم عراها، وبدون قائد يملك شعلة الإرادة ووهج الأسطورة لا يتحرك الشعب ولا يتحرك التاريخ ولا يتحقق المجد.. وعندما نستعيد معًا في ذاكرة الوطن كيف استطاع مؤسس الكيان وموحد الأرض والإنسان على هذا التراب الغالي الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- أن يترجم الحلم على أرض الواقع، وأن يواصل أبناؤه البررة الاضطلاع بمسؤولية الحفاظ على الثوابت العقدية التي وضعها والدهم مؤسس هذا الكيان المكين، دونما أي تفريط، فإننا إنما نستعيد معًا صورة تتجدد كل عام مع ذكرى يومنا الوطني.. ذكرى نهوض وطن وانطلاقة شعب وبداية مسيرة تتخطى الصعاب وتتحدى المستحيل وترسم ملامح المستقبل وتعلي هامة الوطن راية ومجدًا وشموخًا. في كل عام نحيي معًا هذه الذكرى الغالية، فإننا إنما نجني معًا حصادًا جديدًا من ثمار الجهود الكبيرة للملك عبدالعزيز والآباء والأجداد الذين عبّدوا لنا طريق المسيرة وزرعوها أملًا وفجرًا ورخاءً، وأوقدوا لنا الشموع على الطريق. وفي كل عام يزداد الحصاد ويعم الخير، ويعلو البنيان، وتكبر حصيلة الإنجاز وتتسع آفاقه، ويشعر الجميع أن الوطن في سباق مع الزمن لتحقيق الحلم الأكبر الذي رسمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- المتمثل في القفز من عتبة الدول النامية إلى الدول المتقدمة، في إطار وحدة وطنية جامعة، وفي ظل شجرة الأمن الوارفة التي يستظل بها الوطن في كل أرجائه. حصادنا الكبير لا يقتصر فقط على بناء المزيد من صروح الوطن الشامخة، متمثلًا في هذا العهد السعيد في المشروعات العلمية والاقتصادية والصناعية العملاقة كمشروع جامعة الأميرة نورة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وزيادة عدد الجامعات والمبتعثين، ومدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة، ومشروع توسعة الحرمين الشريفين، ومشروع قطارات المشاعر المقدسة، ومشروع الملك عبدالله للإسكان، وإنما يتمثل أيضًا في هذا التلاحم المتين بين القيادة والشعب في إطار وطن ضرب المثل الأكبر في الثبات.