نمتلك آليات الضغط.. ولدينا أسلحة كثيرة لفرض مطالبنا المشروعة وسط تداعيات الغضب العربي والإسلامي بعد عرض الفيلم المسيء للرسول، وما صاحبه من ردود فعل اعتبرت غير رشيدة حينًا، ومتصادمة مع قيم الإسلام أحيانًا، أعلن وزير الأوقاف المصري الدكتور طلعت عفيفي عن مقترح رفعه للرئيس محمد مرسي بالدعوة لقمة إسلامية طارئة، مراهنًا عليها في توحيد جهود المسلمين لمواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا». وحول القمة المقترحة، ومدى قدرتها على تقنين الهدف منها، ومدى توفر الإرادة السياسية؛ لذلك جاء حوار»المدينة» مع معاليه.. اقترحتم لعقد قمة إسلامية طارئة.. لماذا؟ بالفعل اقترحت الدعوة لعقد قمة إسلامية طارئة، والدعوة الآن على مكتب الرئيس الدكتور محمد مرسي للتشاور بشأنها مع أشقائه قادة الدول الإسلامية ، وذلك من أجل الخروج بموقف موحد لمواجهة الإساءات المتكررة ضد الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن أصبح الإسلام ورموزه الدينية هدفًا لكلِّ مَن يريد الشهرة، وللأسف الشديد فإن صمت المسلمين شجّع الكثيرين على التطاول علينا، وعلى رموزنا. وهل ترى أن القمة قادرة في حال انعقادها على الخروج بحلول جذرية لمشكلة الإساءات المتكررة ضد النبي صلى الله عليه وسلم؟ ** نعم، وعلى القمة فى حال انعقادها أن تعمل على اتخاذ موقف موحد من جانب الدول الإسلامية تجاه الإساءات المتكررة التي تصدر من بعض المتشددين عن الإسلام ورموزه، وبحث الإجراءات الواجب اتخاذها، للضغط وإجبار المجتمع الدولي، ومنظمة الأممالمتحدة على إصدار قرارات ملزمة تجرم الإساءة للأديان السماوية ورموزها. وهل يملك المسلمون بالفعل آلية أو إمكانات للضغط على المجتمع الغربي لوقف إساءة مواطنيهم للإسلام؟ نعم.. الأمة الإسلامية تملك أسلحة كثيرة، ولا نقصد الأسلحة المميتة، ولكن على سبيل المثال فإن سلاح الاقتصاد قادر على إرهاب أعداء الإسلام، ولابد أن يعي كل مسلم أن الله أمر المسلمين بالاتحاد، ونهاهم عن الفرقة والخلاف، وحض على التوحد، وحذر من التشرذم في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» ونهى الله عز وجل أيضًا عن التنازع والتناحر في قوله تعالى «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» وأمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف بلزوم الجماعة في حديث «عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة»، وأخبر أن العدو يتربص الدوائر بالأمة، كالغنم التي يتربص الذئب بالشاردة منها في قوله -صلى الله عليه وسلم- «إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»، ولذلك علينا كحكام ومحكومين الاتحاد في صف واحد، وفريق واحد، لمواجهة تلك الإساءات التي تعدت حدود المعقول، ووصلت للمساس بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. وكيف تقيم كعالِم في المقام الأول التظاهرات التي قام بها المسلمون عقب إذاعة الفيلم المسيء؟ بالطبع يحق لنا وفق كل الشرائع والقوانين السماوية، وحتى الوضعية أن نهبَّ غضبًا لما تعرّض له نبينا عليه الصلاة والسلام، فلابد أن يدرك الغرب مدى الجرم الذي ارتكبه بعض المأجورين الذين يعيشون على أراضيهم، والشرط الوحيد الذي ينبغي أن يحكم تلك التظاهرات هو عدم التخريب، فالمهم هو توصيل الرسالة، وهنا لابد أن نشير إلى أن أمريكا ما كانت ستعتقل صانع الفيلم لولا تلك الغضبة الإسلامية العارمة. ألا ترى أن المسلمين في كل مرة يغضبون ويثورون ثم يسكتون؟ هذا حقيقي للأسف الشديد، ولهذا جاءت دعوتنا لعقد قمة إسلامية طارئة حتى لا يمر الموقف مرور الكرام، وإن كنت أرى أن غضبة المسلمين لنبيهم هذه المرة ستظل عالقة في أذهان المتطرفين في الغرب لفترة طويلة من الزمن. ولماذا -في رأيكم- تعددت صور الإساءات في الفترة الأخيرة؟ أولًا لابد أن نعرف أن الإساءات موجودة منذ ظهور الإسلام، حيث اتهم الكفار النبي بأنه شاعر ومجنون وكاهن وكذاب، وكان أكثر مَن يسيء للنبي عمّه أبو لهب، فالمقصود أن الإساءات موجودة منذ بعث الله النبي، ولكن الجديد في الإساءات هو شيوع وسائل الإعلام، وبهذا أصبحت الإساءات تبلغنا، بل وتحرص العديد من وسائل الإعلام على تتبعها لدرجة أنها وصلت إلى حيز المناقشات في البرلمانات الأوروبية، وحتى الكونجرس الأمريكي. وباختصار نحن لا بد ألاّ نتخيل أبدًا أن تلك الإساءات ستتوقف ما دام هناك صراع بين الحق والباطل، والذي نتمناه فقط هو أن نمارس الواجب المنوط بنا ممارسته، والدعوة إلى الإسلام، والتعريف بالنبي، فلابد أن نثق جيدًا أن الذين أساءوا للنبي ما أساءوا إليه صلى الله عليه وسلم إلاّ لجهلهم به، وبسيرته العطرة، ولو عرفوه حق المعرفة لما امتلكوا إلاّ أن يحبوه، وأن يعظموه، بل إن من عرفه حتى لو لم يسلم أقر بعظمة هذه الشخصية وجلالتها، وبأنها شخصية لابد أن تحتل أول مكان فى قائمة عظماء الإنسانية. ألا ترون أن فشل دعوة تجديد الخطاب الديني هو أهم أسباب التشويه الذي يتعرض له الإسلام في الغرب؟ هذا حقيقي للأسف الشديد، ولهذا فنحن بصدد إعداد خطة عاجلة لإصلاح صورة الخطاب الدعوي الإسلامي عن طريق زيادة ثقافة الدعاة، وتمكينهم من الاطلاع، وامتلاك التقنيات اللازمة مثل منحهم أجهزة لاب توب، ومكتبات دينية متميّزة بأسعار زهيدة، حتى يتمكنوا من الاطلاع، ويكونوا على صلة بما يحدث حولهم، وهذه الخطة يعدها أئمة متميّزون من الأوقاف والأزهر حاليًّا، وهناك خطة أخرى تشمل مناهج كليات.