الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة والصلاة والسلام على رسول الله الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. نشهد الله وملائكته وجميع خلقه على محبته فهو أحب علينا من أنفسنا وأموالنا ووالدينا وفلذات أكبادنا بل والناس أجمعين. لقد تابعت كما تابع الملايين ردة الفعل في مشارق الأرض ومغاربها ضد الطغمة الكافرة الذين أنتجوا الفيلم المنحط للإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسخرية من الإسلام والمسلمين ولا نشك لحظة واحدة فيما شاهدناه وسمعناه عبر الفضائيات عن حب هؤلاء المسلمين لرسولهم، ونقدر لهم دفاعهم عن صفوة الخلق، بل هذا الواجب والمتوقع من جميع المسلمين على وجه الأرض، لكن يبقى السؤال: هل النصرة والغيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تصل إلى حد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق (والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق). بل حذرنا رب العزة من قتل النفس بغير نفس (إنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا) ولا حتى حرق وهدم الممتلكات والمباني، ولنا في ذلك أسوة حسنة في الرسول نفسه الذي نحبه ونقتدي به، ماذا فعل صلى الله عليه وسلم بالذين لاحقوه وقذفوه بالحجارة في وادي الثعالبة بعد أن خرج من الطائف، جاءه جبريل وقال له: لقد أمرني الله إن أردت أطبق عليهم الأخشبين، وهما جبلان في مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يُشرك به أحدًا.. وماذا فعل بقبيلة قريش عندما يسر الله له فتح مكة، قال قولته الشهيرة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، بل ربى أصحابه على هذا التسامح الذي لا يكون إلا للمسلمين، فعندما دخل المسلمون بيت المقدس لم يهدموا كنيسة ولا صومعة، ولم يقتلوا شيوخًا أو أطفالا ولم يؤذوا رهبانهم وقساوستهم، بل أمنوهم وأحسنوا إليهم، والأمثلة على ما حثنا عليه ربنا جل وعلا ودلنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم كثيرة. إن أعداء الإسلام يتهموننا بأننا قتلة وغوغائيون وإرهابيون، فالمسلمين الذين قتلوا وأحرقوا ودمروا بحجة نصرة النبي صلى الله عليه وسلم حققوا لأعداء الإسلام ما أرادوا تحقيقه، وساعدوهم على إثبات ما اتهمونا به. إن حب الرسول ونصرته ليست قصة تُقرأ أو شعرا يُلقى، واتباع هديه وسنته ليست موسمية، بل حبه الحقيقي يكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه والتمسك بسنته وإحيائها مدى الحياة وتعليمها لأبنائنا وبناتنا، (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ). إن كنا حقًا نحب الرسول فإنه حقًا علينا أن نعطي سنته جل اهتمامنا، وأن نحييها طوال حياتنا، ولا يكون حبنا له واتباع سنته مقصورًا على يوم أو ليلة في السنة، أو عند الإساءة إليه فحسب، فيا من يريد نصرته عليك بالسنة والاتباع وليس الابتداع. إن كنت حقًا تحب رسول الله فعليك الاستفادة من التقنية الحديثة لتوضيح سنته وأخلاقه وحرصه على هداية الناس جميعًا، وأن الله أرسله رحمة للعالمين، وضّح لأعدائه والجاهلين به سيرته العطرة ومكانته عند الله، وأنه خاتم الأنبياء، بدلًا من القتل والحرق والتدمير والإرهاب. قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). حمود الشميمري - جدة