قبل سنوات، عندما صدرت رواية "بنات الرياض" تعرضت لحملة شرسة من "منتدى الساحات" هذا المنتدى الإلكتروني الرائج في وقته (كان أتفه موضوع فيه يقرأه الآلاف)، ولم يكن يمضي يوم إلا وهناك موضوع عن أو حول الرواية: كانت دعاية مجانيّة ضخمة من الخصوم، نفدت على إثرها الطبعة الأولى. بعد فترة، ومع توقيت معرض الرياض الدولي للكتاب، صدرت طبعة جديدة، وأتى أحد الخصوم ليشتري كافة النسخ المتوفرة منها ليتلفها ويحمي -كما يزعم- أولاد وبنات المسلمين منها.. وأعلن الناشر نفاد الطبعة الجديدة! الخصم الغبي يساندك أحيانًا أكثر مما يفعل لك أنصارك. الخصم الغبي.. يريد أن يحذر منك فيقوم بالترويج لك. أنا هنا لا أتحدث عن الرواية، أوجودتها، أوموقفي منها.. بل أتحدث عن طرق الرفض الغبية! كم من مُنتج (مقال، فيلم، كتاب) يأتي بصمت ويمضي بصمت، لولا ردّات الفعل الغبية من خصومه. أعمال مصيرها الموت.. ولكن خصومها يصرون على إحيائها ورواجها. وهذا بالضبط ما حدث مع الفيلم (الذي يحاول الإساءة لأفضل الخلق عليه السلام)، فيلم تافه يصنعه بعض الموتورين لا يعلم عنه أحد.. ثم نأتي نحن لنقوم بأكبر حملة ترويج مجانيّة له عبر العالم: مظاهرات، وتكسير، وعنف، وقتل سفراء، ونشرات أخبار تنقل ما يحدث.. وبدلاً من أن يراه المئات فقط، ويمضي كأنه لم يكن، يشاهده الملايين ويصبح -خلال ساعات- حديث العالم أجمع. سيأتي أحدهم محتجًا، ويكاد أن يمنحك تهمة مجانية: ألا نغضب لرسول الله؟! يا أخي اغضب.. ولكن السؤال: متى تغضب؟.. وكيف تغضب؟! لماذا لا تغضب ضد كل الأشياء حولك، والتي تجعلك ضمن أكثر الأمم تخلّفاً في العالم؟! لماذا لا تغضب ضد كل الأشياء التي تتعامل معك بدونية؟! لماذا لا تغضب من أجل حقوقك المنتزعة، وكرامتك المهدرة، وعقلك المختطف؟! لماذا تقوم بترويج الفيلم -عبر كافة الوسائل الحديثة- بدلاً من ترويج أجمل وأعظم العبارات التي قيلت عن الرسول عليه السلام من كبار الكتاب والمفكرين وفلاسفة الغرب؟! اغضب، ولكن تذكّر أن محمدًا عليه الصلاة والسلام وتعاليمه العظيمة تقف ضد القتل بلا ذنب.. فلا تبحث عن نص لتلوي عنقه ليناسب تفكيرك وغضبتك الغبية. اغضب.. ولكن تعلّم كيف تغضب؟ واعلم أن بعض الغضب عليك، وليس معك... [email protected]