قد يُظنُّ أن إجازة يومين في الأسبوع من محدثات العصر الحديث، أو تأثرًا بالحضارة الأوروبية المهيمنة، والأمر ليس كذلك، فهي موجودة من قبل، فقد ذكر العيّاشي في رحلته إلى الحجاز عام 1072ه أن لدى أهل المدينةالمنورة عطلة يومين في الأسبوع هما يوم الثلاثاء ويوم الجمعة، وأن إجازتهم في بلاده (المغرب) يومي الخميس والجمعة فقال: «ومن عادة المدرسين في المدينة تعطيل القراءة في الكاتب والدارس يوم الثلاثاء والجمعة، ويقرؤون فيما سوى ذلك من الأيام، خلاف بالحرم الشريف يكلفونني القراءة يوم الخميس، فيشق عليَّ ذلك لكون خلاف المعتاد لدينا» (ماء الموائد 1/289). فإجازة يومين في الأسبوع كانت موجودة في المشرق العربي وفي المغرب، والفارق هو أن تكون مجتمعة أو مفرقة، وذلك يعود للمنفعة من الإجازة، والجمعة يوم متفق عليه وبخاصة أن فيه صلاة الجمعة. أمّا اليوم الآخر فالمصلحة هي التي تحدده، فالمدينة قديمًا وضعوا إجازة في منتصف الأسبوع. والمغرب اختاروا الخميس، والوضع الاقتصادي العالمي المترابط الآن يستدعي أن تكون الإجازة يوم السبت بدلاً من الخميس، فالحاصل الآن هو الانقطاع في الاتصالات التجارية أربعة أيام، وبتحويل الإجازة إلى السبت ستكون ثلاثة. أكتب هذا بمناسبة ما هو مثار الآن من أن تكون إجازة القطاع الخاص يومين كالقطاع العام وشكوى القطاع الخاص من إجازة يوم الخميس، وأن الأفضل أن تكون الإجازة السبت مراعاة لمصالحه المرتبطة بالعالم الخارجي، وهو مطلب وجيه، ولا يوجد ما يلزم بإجازة الخميس، فإضافة يوم إلى يوم الجمعة تحدده المصلحة، والمصلحة أن يكون هذا اليوم يوم السبت انسجامًا مع الارتباط بالعالم الخارجي. أما اعتراض بعض القطاع الخاص على إجازة اليومين فهو اعتراض وتخوّف في غير محله، ففوائدها كثيرة من أهمها تقليص البطالة، وتشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص إذا تم تلافي المعوقات الأخرى، ولعله يسهم في الحد من تكاثر العمالة الوافدة التي صارت تمثل ثلث السكان، ولم تؤثر إجازة اليومين على اقتصاد الدول المتقدمة في العالم، ولا أدري إن كانت توجد دول فيها تفرق بين إجازة القطاع الخاص والعام كما هو عندنا. وآمل ألا تؤدي إجازة اليومين إذا ما أقرت في القطاع الخاص إلى زيادة المحلات التجارية التي تداوم أربعًا وعشرين ساعة من غير ضرورة. فتحديد الدوام اليومي في القطاع الخاص ضروري، وهو السبيل إلى معالجة البطالة، وتوظيف السعوديين لاسيما أن جل المحلات تكاد تكون مملوكة للعمالة الوافدة، ولم تشكُ الدول التي تعطل يومين وتحدد الدوام من انخفاض اقتصادها. [email protected]