تستضيف العاصمة الأردنية عمان في الرابع والعشرين من سبتمبر الحالي (ولمدة يومين) الملتقى العالمي لمكافحة الفساد بمشاركة منظمات دولية منها المنظمة الدولية لمكافحة الفساد. وسيعقب اللقاء ورشتا عمل عن أخلاقيات العمل المهني وعن حوكمة الشركات. الحديث عن الفساد لا يكاد ينقطع، فالناس تلاحظ ولكنها لا ترى، وتشعر لكنها لا تضع يدها بوضوح. وفي صدر الصفحة الأولى من صحيفة الحياة (3 سبتمبر) عنوان عريض يقول: (تريليون دولار خسائر اقتصادات دول الربيع العربي والعراق من الفساد) منها 300 مليار دولار نهبها قادة 6 دول عربية على مدى العقود الأربعة الماضية. وكل هذه الأرقام مع ضخامتها تبدو للمتابع أنها متواضعة مقارنة بما يتم نهبه فعلاً في العالم العربي على المستويات العليا والدنيا كذلك. ولذا لا يملك المواطن العربي الغيور سوى التحسر والألم وبث آهات الغيظ والحزن: لمثل هذا يموت القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان كم من الخير حرم منه ألوف بل ملايين الناس، فهذا المال المنهوب ليس مجرد خسارة صفقة وانتهى الموضوع، وإنما هو مال يتجمع من مصادر عدة هي في الأصل مخصصة لبرامج ومشاريع للآخرين من المستحقين. تصوروا لو أن مشروعاً لإقامة مطار في مدينة صغيرة يتم إلغاؤه لأن المال المخصص له ذهب لبناء قصر السيد الرئيس أو ابن السيد الرئيس أو (سكرتير) السيد الرئيس، فإن الخاسر الأكبر كل المنطقة الجغرافية التي تحيط بتلك المدينة الصغيرة.. ستخسر لفترة طويلة جداً لأن ذلك يعني هرب المستثمر الراغب في ضخ أموال للاستثمار في اقتصاد المنطقة، مما يعني زيادة أعداد العاطلين عن العمل، وبالتالي يضطر كثير منهم إلى الانحراف أو الهجرة إلى المدن الكبيرة، التي ستعاني من ضغط المهاجرين إليها، الذين سيزاحمون أهل المدينة في وظائفهم وأرزاقهم والخدمات الموفرة لهم. وهكذا تستمر الدورة، ارتفاع في الطلب على المساكن يصاحبه غلاء في الإيجارات، كما يصاحبه تلبك في الحركة المرورية وارتفاع في معدلات الجريمة. كما في المدن العربية الكبرى !! [email protected]