في جدة اليوم خمس مقابر لدفن الموتى.. منها ما تُستخدم فيه طريقة اللحد، وهما مقبرتا الرويس والتوفيق، والأخرى يطبقن طريقة الشق، وهي اقتصادية كون القبور تُفتح والرفات يُزال تمهيدا لاستقبال جثامين جديدة. ومقبرة الأسد صغيرة، والوصول إليها شاق، والمواقف عندها معدومة، والازدحام حولها مخيف. السؤال: هل يكفي هذا العدد البسيط لخدمة (الموتى) في مدينة ضخمة في حجم جدة؟ والسؤال الآخر، لماذا لا يُخصص لمنطقة شمال جدة مقبرة جديدة تفك الاختناق عن (الموتى) وعن (الأحياء).. لتكون منهم قريبة وعملية ومناسبة؟ طبعاً سيكون الجواب المفحم: وأين المساحة الجغرافية الخالية التي يمكن تخصيصها لمقبرة تخدم الموتى، وقد عجز المسؤول، وهو يبحث عن أرض لمدرسة تخدم الحي الصغير أو مستشفى تطبب مرضى الحي الكبير أو ملعب يمارس فيه الرياضة الصغير والكبير؟ كلها إجابات مشروعة لسؤال حائر كبير! وكل منها ينطوي على منطق مفحم قد يجبرك على الصمت الطويل.. منطق الأحياء أولى أم الأموات!! واقترح لي زميل كريم اللجوء إلى بعض أصحاب المخططات الكبيرة جداً في شمال جدة إما شراء وفداء، وإما بالثواب والأجر إقناعاً. والثانية أجدى، فالأجر هنا عظيم، وصاحب المخطط الكبير لن يعجزه تخصيص جزء بسيط لدفن موتى المسلمين فتناله مثوبة عمل صالح يجري إلى يوم الدين! وأضاف: ويا ليت آخر يتكرم، فيخصص أرضاً بيضاء لموقع مصلى العيدين وغيرها، فأهل الشمال جديرون بذلك! ولصلاة العيد في مشهد مفتوح طعم خاص، وهي سنة متبعة وتقليد محمود. أما العجب فهو إخفاق مسؤولي الأمانات قبل ثلاثة أو أربعة عقود عن العناية بهذه الخدمات وتخصيص ما يليق منها لخدمات الأحياء والأموات! هي ليست من أسرار الذرة الدفينة توقعات النمو السكاني، بل هي علم قائم وممارسة قديمة. خسارة هذه المساحات الهائلة التي ذهبت منحاً في حين لم يُقتطع منها للخدمات العامة شئ، وحتى أرض المطار القديم التي حلم المهندس محمد سعيد فارسي بأن تكون رئة جدة الخضراء تحولت إلى مخططات، ليس منها شيء لمدرسة أو مستشفى أو مبنى لخدمة عامة يستفيد منها الناس!! [email protected]