تتردد هذه الأيام انتقادات حادة بسبب تعثر بعض المشاريع وسوء التنفيذ، وأطلقت هيئة مكافحة الفساد تصريحات عديدة حول هذا الموضوع، يستنتج منها وصول الهيئة إلى بعض أسباب تأخر المشاريع، وتدندن حول معالجتها، دون أن نرى أو نسمع عن كيفية المعالجة وإمكانية استئصال أسباب التقصير، ويظهر أن تعثر المشاريع أصبح ظاهرة ويخشى من استفحالها. فبالأمس القريب لم يُسمع عن مشاريع تنموية نُفِّذت بمليارات إلا نادرًا، لأن لغة المليارات غير مألوفة، ومع ذلك يكون التنفيذ مقبولًا إلى حد كبير، واليوم أصبحت لغة المليارات تتكرر حتى في بعض الأجهزة الخدمية الصغيرة، بل تكلفة بعض المنشآت الفرعية تتجاوز المليارات.. بينما المنتج لا يتناسب مع هذه الأرقام أو تلك، ولا يرى المتابع أو المراقب لآخر العام المالي ما يدل على "تطور ما" في "جهة ما" يأنُّ المستهدفون بالخدمة فيها من عدم تطويرها. ويتساءل البعض: أين ذهبت هذه المليارات التي خُصِّصت لتطوير الخدمة في هذا الجهاز أو ذاك، وما نُفِّذ فيها من تحسينات لا يتناسب مع حجم ما اعتُمِدَ لها من الأموال. فماذا ستعمل هيئة مكافحة الفساد أمام هذه الظاهرة، ولن تكون نتائج تدخلها حاسمًا لتشعب الأسباب التي حالت دون الحصول على نتائج ترقى إلى المأمول من هذا المشروع أو ذاك، لتداخل خطوط العملية، التي منها ضعف مواصفات المشروع، ونظام المشتريات الذي يرفض إرساء المشاريع على أقل عطاء، وجواز تنفيذ المشاريع من الباطن، وسوء المتابعة أو عدمها، وضعف الإشراف، والاعتماد على أيدٍ غير سعودية، بالإضافة إلى ضعف وخز الضمير عند البعض إن لم يكن انعدامه، قد يكون من الأسباب أيضًا عدم قدرة الجهاز على تنفيذ المشاريع الضخمة، ولا يملك القائمون عليها ملكة الوضوح والصراحة ليقولوا لمن يهمه الأمر أن هذه المشاريع أكبر من إمكاناتهم، ليدعموا من مؤسسات متخصصة لتنفيذ المشاريع بصورة سليمة، فأمام هذه التداخلات لابد من وضع حلول جذرية للاستفادة من الأموال الكبيرة التي توفرها الدولة لخدمة المواطن، ورقي الوطن كل عام، ولا يظهر على سطح الخدمة إلا القليل في بعض الجهات الخدمية، وتبقى الشكوى من سوء الأداء تراوح في محلها، ما لم نعد النظر في نظام المشتريات، ونركز على الجودة في الأداء، ونستحث أبناء الأجهزة من المواطنين لاستشعار المسؤولية الوطنية، ونضعهم في دائرة التنفيذ بدلًا من الاعتماد على الغير في الميدان.. والله المستعان. [email protected]