المؤمن -بحق- لا يحتاجُ إلى المعجزات؛ كي يتثبت من صحة إيمانه. الإيمان ليس قناعة عقلية تستند إلى الأدلة العلمية والبراهين المنطقية.. الإيمان مثله مثل الحب، لا يحتاج إلى علة تبرره. إذا وجدت الأسباب انتفى الحب، وإذا وجدت الأدلة يفقد الإيمان معناه وقيمته. ما معنى أن تؤمن بما تستطيع أن تدركه أو تحيط به؟ وما معنى أن تؤمن بما أنت متأكد في الأصل، من وجوده بحواسك؟! الحب طاقة إيجابية، وإشراقة داخلية يفيض بها القلب، وتغمر النفس فتنعكس على آخر أو آخرين، حتى إذا ما بلغت ذروتها، ووصلت إلى مرحلة المحبة، فإنها تنعكس على الآخر ككل. الإيمان هو المحبة، وقد وصلت إلى ذراها، وارتقت لتصبح حبًّا غير مشروط، ليس فقط لجميع عناصر الكون، ولكن لخالق هذا الكون؛ بما يشتمل عليه من عناصر. الإيمان هو إشراقة داخلية تلهمنا التصديق بالغيب، أي بما هو غائب عن الإدراك العقلي، ومحجوب عن الحواس. هذا هو معنى الإيمان بالغيب، وهذه هي قيمته، وهذه هي طبيعته التي تتعالى على منطق العقل، وإدراك الحواس، وقوانين العلم ومنهجه.. وجميع هذه العناصر، العقل والحواس والعلم، لا يمكنها أن تفصل في مسألة الغيب؛ لأنها لا تمتلك المفاتيح المؤدية إلى فك شفرة هذا العالم الذي لا يعترف باشتراطات الواقع، ولا بقوانين المادة والطبيعة. كما أن الحب ليس بحاجة إلى علة، فإن الإيمان يبرر نفسه. الحب والإيمان يقعان خارج دائرة الاشتراطات. [email protected]