محمد البيضاني - الباحة تعد مشاعيل العيد من العادات المتوارثة في منطقة الباحة، حيث كانت وسيلة الإعلام الوحيدة للإبلاغ عن ثبوت هلال شوال، وبدء أول أيام العيد، وذلك قبل ظهور وسائل الإعلام، ومن أجل التعريف بدخول العيد كانت تشعل النيران على قمم الجبال العالية إيذانًا بثبوت رؤية هلال رمضان، أو بحلول العيد. وبعد تطور وسائل الإعلام المرئي والمسموع أصبح الإعلان عن العيد يبث عن طريق التلفاز، والإذاعة، والإنترنت. مشقة الإعلان ويقول العم عطية الطوير، والذي بلغ عامه التسعين: كان أهالي القرى في الماضي يستخدمون المشاعيل للإعلام عن دخول العيد، فكان يقوم بعضهم بالصعود إلى مشارف الجبال وقطع أكبر كمية من الحطب خلال فترة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، بحيث تجمع هذه الأحطاب والتي تكون عادة من أشجار (القرض والسلم) في مكان معين في أعلى الجبال ومشارفها، بحيث عند اشعالها تكون ظاهرة لأكبر قدر من الناس سواء في المناطق الساحلية أو مرتفعات الجبال. وعند ثبوت دخول شهر شوال، ونهاية شهر رمضان المبارك فإنهم يقومون بإشعال تلك المشاعيل ليتنبه الناس بنهاية رمضان ودخول العيد، وهي عبارة عن حطب وخشب وأشجار تجمع بكمية كبيرة وتوضع في أعلى الجبال لرؤيتها من أبعد مكان. وتشعل هذه المشاعيل عند ثبوت الرؤية في أي قرية، وكلما رآها أصحاب قرية من القرى المجاورة شبوا مشعالهم كذلك. ويضيف العم عطية: كان جمع المشاعيل يستغرق أكثر من أسبوعين، يشترك فيها جميع أبناء القرية من الرجال والنساء والأطفال. وكان خبر العيد يدخل البهجة والفرحة في قلوب الناس، وتنتشر هذه المشاعيل في جميع قرى منطقة الباحة، ولا نقوم بإشعالها حتى نشاهد اشتعالها في أعالى جبال السراة أو نسمع أصوات البنادق، حيث كانت تأتي الأخبار بالعيد بعد مشقة وتعب، وكان أبناء القرى ينتظرون إشعال النيران في أعلى الجبال، ويستمر الانتظار أكثر من أسبوع قبل دخول العيد، ولكن كانت له نكهة خاصة. أمّا في الوقت الحاضر فقد تغير كل شيء فأصبح الكل يستعد لمناسبة العيد قبل دخوله بأيام بعكس الماضي. الإعلام السريع ومع تطور التقنية الحديثة وانتشار وسائل الإعلام وتطورها استغنى الناس عن المشاعيل، وأصبح الاعلان عن حلول شهر رمضان أو انتهائه الآن يتم عبر الفضائيات في لمح البصر. وأصبح ميسّرًا للجميع في وقتنا الحاضر، فالقنوات الرسمية تعلن وكذلك رسائل الجوال والشبكة العنكبوتية، ولم تعد المشاعيل سوى تسلية ومجرد إحياء للتراث في مظهر احتفالي.