العيد.. فرحة وسعادة واجتماع للأهل والأحبة، فهو لا يقتصر على شراء الملابس والحلويات فقط، وإنما هناك أجواء وتحضيرات خاصة وزيارات وتبادل التهاني. وهذه العادات والتقاليد لا تختلف بين الناس، حيث تعتبر من أهم مظاهر العيد وأكثرها بهجة، ففي الماضي كان العيد مناسبة يجتمع فيها الأهل والأقارب تحت سقف واحد يتواصلون فيما بينهم ويتبادلون التهاني، حيث يحتفظون من خلاله بعلاقات إنسانية فيها الكثير من المودة والمحبة وصلة الرحم. أما في الوقت الحاضر فقد ظهرت بعض السلوكيات والطرق الاحتفالية الجديدة المختلفة عن السابق، مما جعل البعض يعتقد أنها أفقدت للعيد بريقه، خاصة بعد أن دخلت التكنولوجيا حياتنا، وأصبح العيد عند الشباب مجرد يوم عابر قد ينام فيه إلى الليل لتبدأ فرحة العيد لديه بالسهر إلى اليوم التالي، كما تغيب أجواء المودة واللقاء بين الأسر، حيث استبدلت لقاءاتهم بالهواتف والرسائل القصيرة والإنترنت. فكيف ترى الأجيال هذا التغير؟ وماهو الاختلاف الذي طرأ على العادات في تلك الأيام المباركة؟ الرسائل بدلاً من الزيارات يقول العم بخيت حسن (90 عاما): في الماضي كان اللقاء وجهًا لوجه للتعبير عن فرح الأحباب والاصدقاء، أما اليوم فمعظم المعايدات عبر الهاتف وأصبحت الرسائل عبر الجوال للتهنئة بالأعياد والمناسبات الاجتماعية والمكالمة بديلاً عن الزيارة وبدلاً من أن نستقبل الأهل والأصدقاء أصبحنا نستقبل سيلاً من الرسائل والمكالمات افقدتنا فرحة العيد وميزته عن سائر أيام السنة وأصبح شاحبا وباهتا لا يتميز عن أيام السنة الباقية بشيء حتى بدأنا نحس ان صلة الارحام بدأت تتقطع وتنتهي. أيام الخير ومن جهته بدأ العم علي صالح (65 عاما) حديثه قائلا: الله يذكر ايام زمان بالخير.. فقد كان العيد قديما هو العيد الحقيقي الذي يدخل الفرحة في قلوبنا بعكس ما نراه اليوم من نوم وكسل وسهر وابتعاد وانغماس في التكنولوجيا التي جمعت لهم اصدقاء وهميين فأنا ارى شباب اليوم يسهرون الليل الى صلاة العيد فينامون الى العشاء لتبدأ احتفالات الشوارع بعيدا عن الجو الأسري الذي من أجله جاء العيد. وأضاف العم علي ضاحكا: كان العيد قديما ذو هيبة واحترام، فالنوم الباكر كان هو الغالب لنستطيع النهوض باكرا لصلاة الفجر وعدم العودة للنوم بل نبدأ في تبادل التهاني مع والدينا واقرب الجيران لمنزلنا اضافة الى استلام الهدايا النقدية فبالرغم من الفقر المدقع الذي كنا نعيشه قديما الا ان هذه الهدايا لا تنقطع مثلما نراه اليوم من انقطاع وابتعاد وعدم تذوق حلاوة العيد وجمال قدومه رغم رغد العيش فكنا قديما نذهب الى صلاة العيد بكل شموخ وتباهي رغم ملابسنا الرثة والقديمة والمرقعة لكنها فرصة كبيرة للقاء اصدقائنا واقاربنا فتبدأ التهاني والزيارات ولا نكاد ندخل منزلا حتى نجمع افضل الحلويات لنلتقي بعدها ونحكي لبعضنا مواقفنا المضحكة والجميلة ولا يكاد ينتهي اليوم الا ونحن متعبون ومنهكون من كثرة الزيارات واللعب. من جهة اخرى يتحدث لنا احمد الكناني (70 عاما) قائلا: العيد له طعمه الخاص في السابق فكانت صلة الارحام هاجسنا الاكبر حيث كنا نزور جميع أرحامنا وأقاربنا بعد صلاة العيد مباشرة وتقديم العيدية لهم والتي تعتبر أمرًا مقدسًا لا يمكن التهاون عنه وعند زيارة الأقارب يتفاخر الجميع ويتميزون في تقديم الاكلات الشعبية التي تشتهر في منطقة الباحة مثل الخبزة والعصيدة والدغابيس والمرق والعيش وغيرها من الاكلات الشعبية التي نفتقدها كثيرًا مع ظهور القشطة والجبنة والنواشف المعلبة. الحاضر أجمل اما الشاب علي احمد فيقول: عصرنا هو عصر السرعة، فلماذا لا نستخدم ماهو متوفر لنا واخراج الفائدة منه فالرسائل النصية تختصر الوقت والجهد والمال صحيح أنها أثرت على دفء العلاقات والتواصل بين الناس ولكنها الطريقة الأسرع والأسهل للتواصل كما أن ضيق الوقت وكثرة المشاغل لا يسمحان بزيارة جميع الأقارب والأصدقاء. واضاف: تغيرت الحياة واصبح الجميع يشدون الرحال الى مكة او جدة لقضاء العيد هناك اضافة الى اننا اصبحنا لا نستطيع مقاومة الاسلوب الجديد في السهر ليلا والنوم نهارا واقتصار المعايدة على المكالمات والرسائل النصية والمصورة ولا يستطيع احد ان يقول ان العيد في الحاضر سيئ فهو جميل ايضا فقد يقوم مجموعة من الشباب باستئجار القاعات واجتماع الاحبة والاقارب واقامة البرامج الثقافية الممتعة اضافة الى اقامة احتفالات العرضة والتفنن في اللبس والهدايا والمأكولات بجو اخوي رائع كنا نفتقده قديما فلكل زمان رجاله واحتفالاته.