يبدو أن إيران مصممة على الوقوف لآخر لحظة مع نظام حزب البعث الجائر في سوريا، فقبل أن يجف حبر قرارات مؤتمر القمة الإسلامية (الذي عُقد برعاية خادم الحرمين الشريفين في رحاب بيت الله الحرام) انتقدت إيران علناً قرار أغلبية الدول المشاركة بتعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، كما عارضت إلقاء اللوم على النظام النصيري المجرم في دمشق على المجازر التي يرتكبها يومياً ضد الأبرياء من أبناء شعبه. وإضافة إلى إمدادات الأسلحة القادمة من طهران وموسكو لدعم آلة القتل النصيرية، فقد ذكرت الأخبار أن إيران ترسل مدربين على كفاءة عالية من نخبها العسكرية لتدريب جنود النظام وشبيحته على مزيد من فنون القتل والتعذيب والتنكيل بالشعب. إيران تدرك ودول الخليج تدرك وتركيا تدرك أن سوريا هي المعقل الأقوى الذي يدعم نفوذ إيران في الشرق الأوسط، خاصة وأنها قد التهمت العراق بمباركة أمريكية هوجاء. اقتلاع النظام النصيري من سوريا يعني تقليم أظافر النظام الصفوي في الشرق الأوسط، وحصره في العراق الذي قد يتغير ولاؤه في زمن قادم، ليرعى مصلحة البلاد لا أوامر المعممين في قم. وفي المقابل، فإن انتصار النصيريين في سوريا يعني نجاحاً مدوياً للنظام الصفوي المستتر بالتشيع المذهبي، والذي بدوره لن يتوقف عند حدود معلومة، بل سيحاول التمدد في أكثر من اتجاه خاصة في خليجنا العربي بدعوى حماية الأقليات الشيعية ودعم حقوقها. لم يعد من الحكمة تجاهل هذه السيناريوهات المرعبة التي تقض مضاجع دول المنطقة، وتلقي بظلالها القاتمة على كثير من أوجه الحياة، وتؤثر سلبا على استقرارها وطمأنينتها ورخائها. قد يجد المراقب عذرا في السابق لعدم إعلان الدعم العسكري الصريح للثوار المناضلين في سوريا، لكن بعد هذا الولوغ الإيراني القذر في سوريا، فإن الحكمة تقتضي تكاتفاً وتعاوناً من كل الأنظمة التي يهمها الأمر قبل فوات الأوان. لقد سقط العراق من قبل بدم بارد في يد إيران بسبب عوامل عديدة على رأسها الغباء الأمريكي المطلق، ولا أظن عاقلاً يرغب في إلحاق سوريا بالعراق. [email protected] [email protected]