يعكف عدد من كبار المستثمرين في قطاع الأجرة العامة على إنشاء شركة كبرى تقود مشروعا حضاريا يضاهي في ضخامته نموذج مشروع تاكسي لندن. وأوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري المهندس سعيد بن علي البسامي أن أكثر من 730 مستثمرا في قطاع الأجرة العامة يملكون نحو 30 ألف سيارة ليموزين يسعون إلى دمج الشركات القائمة وتحويلها إلى شركة مساهمة خلال عامين لتظهر بمفهومها النموذجي الحضاري الجديد، لافتا إلى أن الشركة الجديدة سيتفرع منها 7 شركات في المدن الرئيسية تقودهم الشركة الأم بعضوية 25 من كبار المستثمرين يملكون نحو 15 ألف سيارة. وبين البسامي إن الشركة الام ستكون هي القائدة في تطبيق المشروع النموذجي وهي التي تؤهل وتتيح الفرصة وستسعى لاستقطاب نحو 645 مستثمرا جديدا ليصبح إجمالي عدد المستثمرين 1375 مستثمرا يمتلكون نحو 43 ألف سيارة أجرة تعمل لحساب المشروع الحضاري الجديد. وأضاف أن عملية دمج الشركات والمؤسسات ستكون في البداية اختيارية إلا أن عملية الدمج بعد ذلك ستتم بتدخل من الجهات المعنية لدمج النشاط للحفاظ على مستوى خدمة معينة، حيث سيتم الدمج بين الشركات بطريقة منظمة للوصول إلى أفضل مستوى حضاري. وذكر البسامي إن المشروع التطويري الجديد للأجرة سيقدم خدمات عديدة هامة مميزة ومختلفة ترتقي لخدمة الراكب، أبرزها نظام تتبع السيارات ومكانها وتحديد وجهتها عبر الأقمار الصناعية بنظام الجي بي إس من خلال كود محدد يحصل عليه ولي الأمر من الشركة المشغلة، ملفتا إلى أن هذه الخدمة ستمكن بدرجة رئيسية الرقابة عليها من قبل الشركات التابعة لها وأولياء الأمور لمتابعة بناتهم. ولفت البسامي إلى أنه سيتم تغيير تصميم سيارات الأجرة بالمملكة ووضع شعار الشركة على الباب الخلفي، كما سيتم تحديد لون السيارة باللون الأبيض مع طلاء لون السقف باللون البيج، بالإضافة إلى تنظيم هذه السيارات بطرق نموذجية.. وتوقع أن يكون في كل مدينة من مدن المملكة (الرياضوجدة ومكة المكرمة والطائف والمنطقة الشرقية والمنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية والمدينة المنورة)، شركة مستقلة تدخل السوق للوصول إلى الخدمة المطلوبة. وأكد البسامي أن وزارتي النقل والعمل على استعداد تام لدعم هذا المشروع متى ما تم التوصل إلى قرار نهائي بين المستثمرين، حيث تقدم الوزارتان الدعم المطلوب، وتسهيل الإجراءات اللازمة وتذليل العقوبات التي أبرزها هي معاناتهم من عدم تمكنهم من إيجاد السائقين السعوديين حسب ما ذكره البسامي. كما أفاد البسامي أن مرحلة الدراسة قد انتهت لمشروع تطوير قطاع النقل ولم يبق سوى عملية التنفيذ، مؤملا أن هذا المشروع سيخرج بنقلة حضارية للبلاد. من جهة أخرى أكد أكاديميون متخصصون في الاقتصاد وإدارة الأعمال على أهمية خطوة اندماج شركات الأجرة العامة بضمانات تضمن تطوير هذا القطاع لتقديم أفضل الخدمات من خلال إيجاد آليات فاعلة كتفعيل عداد التعرفه وتوفير مواقف خاصة للسيارات وإدخال نظام التتبع بالاتصالات اللاسلكية. وطالبوا بضرورة دخول الدولة كشريك وألا يتحول الاندماج إلى احتكار قلة يحرم المؤسسات الصغيرة، وبالتالي يحد من المنافسة لتحسين الخدمات وتطوير القطاع. أكد أستاذ إدارة الأعمال والتسويق الدولي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور حبيب الله محمد التركستاني على أهمية اندماج الشركات بما فيها التي تمارس نشاط الأجرة العامة، وذلك لتقوية وضعها المالي والإداري والاستفادة من الإيجابيات، مبينا أن هذه الاندماجات موجودة في الشركات سواء المحلية أو الخارجية إلا أنه في ذات الوقت عبر عن قلقه من أن يكون هذا الاندماج شكليا يأخذ أسلوب احتكار القلة، وبالتالي فإنها تحرم المؤسسات الصغيرة من منافستها وإتاحة الفرصة لها للدخول في السوق. وطالب د. التركستاني إيجاد ضمانات قوية لتحقيق أهداف المشروع التطويرية، ملفتا إلى أن هناك تجارب فاشلة لشركات مساهمة ومن بينها تجربة إحدى شركات النقل التي أجهضت تجربتها، مؤكدا أهمية أن يتم تطوير قطاع النقل وفق أسس سليمة وتحديد آليات عمل واضحة ومتطورة لتقديم أفضل الخدمات للركاب، وكذلك يجب أن تدخل الدولة شريكا وتحقق أهداف المشروع، كتجربة قطاع الأجرة العامة بمدينة دبي فهي لديها شركات أجرة تسير وفق منهجية تحقق الأهداف بمصداقية وبشكل حضاري، كما أنه يجب تفعيل عمل أجهزة عدادات الأجرة للسيارات، وكذلك يجب أن يتم توفير مواقف مخصصة للسيارات بدلا من تركها تجول بسرعات مخيفة تتسابق للوصول إلى العميل. وأكد د.التركستاني ضرورة دراسة هذا المشروع التطويري من المختصين والخبراء والمسؤولين المعنيين بكل شفافية ليتم التوصل إلى أفضل الحلول والخروج بتنظيم وبآليات عمل واضحة تخدم هذا القطاع وترتقي بالخدمات المقدمة للركاب. من جانبه أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور أسامة فلالي أن مشروع دمج شركات الأجرة العامة وتكوين شركات لها آثار اقتصادية إن تمت بشكل جيد بحيث تتبع آليات عمل متطورة ومختلفة عن الوضع الراهن لتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين الركاب، فيجب إيجاد أساليب أكثر تطورا عند طلب السيارة من خلال أجهزة الاتصال الحديثة السلكية ليتم توجيه السيارات بشكل منظم ومقنن بدلا من أن تتوجه على حالها الراهن بشكل عشوائي يشكل هدرا على الاقتصاد، لأن هذا التطوير والتقنين بدوره يخفض استهلاك الوقود وقد يقلل الزحام وتكاليف أعباء الزحام، كما سيلزم السائقين بتعرفة العداد، بالإضافة إلى سهولة مراقبة هذه السيارات وخط سيرها وتوجهها بشكل سهل وامن. وطالب فلالي أن يتحول هذا التطوير إلى الأفضل من خلال توفير الوظائف بأجور مشجعة للشباب السعودي الراغب في العمل في هذا القطاع، بالإضافة إلى أن عملية تنظيم هذا القطاع ستوفر الوقت والجهد والمال.