منذ زمن التكاسي الصفراء، والحواري والأزقة الضيقة، لم يشهد سوق سيارات الأجرة في المملكة تدهوراً كما يشهده في هذه المرحلة.. فقبل عشرين عاماً لم يكن النظام المروري الصارم يسمح لقائد سيارة التاكسي أن يرتدي ثيابه الرثة ، بل يلزمه بزي موحد ، وربطة عنق ، كما أن النظام يتعامل بصرامة مع نظافة المركبة ، وخلوها من الصدمات وما يشوه مظهرها. وتعامل النظام بحزم مع مسألة تقادم موديل سيارات الأجرة ، وألزمها بالتقيد بالعمر الزمني الذي حدده النظام للمركبة.. لكن الأمور قد تغيرت في السنوات العشر الأخيرة بشكل يوحي بمدى الانفلات الذي يشهده هذا القطاع، فقد أصبح من المألوف أن تسير سيارة أجرة في شوارع مدن المملكة وقد شوهتها الصدمات من كل حدب وصوب، كما أن الموديلات العتيقة التي أكل عليها الدهر وشرب لا زالت تهرول في الشوارع وأمام دوريات المرور. وكانت حكاية السماح للسيارات القديمة قد بدأت بقصة عاطفية، تقول إنها تشجع السعوديين على امتلاك سيارات أجرة، فقد عمدت شركات الأجرة إلى التخلص من سياراتها القديمة التي أهلكها السائقون الأجانب لسنين بالزج بها في حلق السعوديين مستغلة ثغرة الوطنية والسعودة، وكأن السيارات الجديدة لا يستحقها أولئك السعوديون.. لكن الأمور تطورت بعد ذلك ليصبح الأجانب كذلك يمتطون صهوة سيارات صنعت من عام 2002م لا زالوا يجولون بها شوارعنا. هذا المشهد دعا عضو مجلس الشورى اللواء الدكتور محمد أبو ساق لتقديم مقترحاً يعالج مشكلة سيارات الأجرة في المملكة.. وقد قال أبو ساق في تصريحات له: إنه قدم دراسة بينت وجود فراغ نظامي وعدم توازن في «نظام النقل» الحالي الذي خصص لنقل الركاب بالحافلات، وأهمل نقل الركاب بسيارات الأجرة الصغيرة، على رغم فارق الأهمية كما قال. مشيراً إلى أن هذه الدراسة ركزت على تحسين شؤون النقل بسيارات الأجرة الصغيرة (التاكسي)». صدمة على الباب الخلفي.. بسيطة وقال في تصريحات سابقة :«تبين هذه الدراسة أن أوضاع النقل في سيارات الأجرة الصغيرة في المملكة في مستوى متواضع غير لائق، وسيطرة السائقين والموظفين غير السعوديين على قطاع النقل بسيارات الأجرة الصغيرة يعكسون سمعة سيئة لبلادنا، من واقع ممارسات ملموسة اجتماعياً وموثقة رسمياً وإعلامياً»، مشيراً إلى أن سيطرة غير السعوديين على هذا القطاع الهام حرَم عشرات الآلاف من السعوديين من الحصول على فرص عمل في هذا القطاع، ما أسهم في زيادة عدد البطالة. ولفت إلى أن نسبة كبيرة من سيارات الأجرة تعمل بأقل مستوى من الصيانة، ما يشكل خطراً كبيراً على سلامة الركاب، وتشبه سيارات الأجرة بالنعش الطائر بسبب فوضوية قيادتها وسرعتها وعدم انضباط سائقيها مما تسبب في كثرة حوادثها»، مشيراً إلى أن سيارات الأجرة وسائقيها يعكسون سمعة سيئة عن المملكة ومجتمعها. الاستعانة بالحبال من ناحية أخرى كشف رئيس لجنة الطرق في الغرفة التجارية محمد النفيعي عن خطط تشمل توحيد لون سيارات الأجرة، وزي السائقين، ووجود عداد وطابعة لإصدار بيانات الرحلة يحق للراكب طلبها من السائق. وكانت وزارة النقل قد انتهت، من دراسة تطوير خدمات سيارات الأجرة العامة في المملكة والتي قالت إنها تهدف إلى الرقي بمستوى خدمات الأجرة العامة التي تقدمها المؤسسات والأفراد داخل المدن، وذكر تقرير صادر عن وزارة النقل للعام المالي 1430 /1431ه أن من أهم مخرجات هذه الدراسة تعديل في اللائحة المنظمة لممارسة نشاط الأجرة العامة وتخفيض التعرفة الخاصة بالأجرة العامة واستخدام تقنية تتبع المركبات، وكذلك وضع مركز اتصالات خاص بالأجرة العامة للحد من ظاهرة التجول العشوائي لسيارات الأجرة العامة. وبالرغم من هذه الدراسات والتصريحات، إلا أن الأمور لا زالت تشهد تدهوراً كبيراً أفرز مشهداً متخلفاً مليء بالسلبيات الأمنية والحضارية والسلوكية التي تعطي صورة سلبية لمن يزور البلاد. مظهر غير حضاري موديل متهالك واثق الخطوة