عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: «اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ: اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم، وغُضُّوا أَبصَارَكُم، وكُفُّوا أَيدِيَكُم» رواه أحمد. هذا الحديث اشتمل على وصايا عديدة، مضى الحديث عن الوصية بالصدق، وفي هذا المقام أتناول وصية الوفاء بالوعد، المأمور به في جميع الأديان وقد حافظ عليه الرسل المتقدمون والسلف الصالحون وأثنى الله تعالى على خليله في التنزيل بقوله (وإبراهيم الذي وفى)، ومدح ابنه إسماعيل بقوله(كان صادق الوعد)، فالوفاء تمس الحاجة إليه وتجب المحافظة عليه وقد صار رسما دارسا وحلة لا تجد لها لابسا عند كثيرٍ من الناس. ولا شك أن إخلاف الوعد من صفات أهل النفاق، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أربع من كن فيه كان منافقا، وإن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر». والمذموم هنا هو أن يعد ومن نيته أن لا يفي بوعده ومما يؤسف له ما نشاهده من كثيرٍ من الناس عندما أصبحوا يتهاونون في الالتزام بالمواعيد، بل إن البعض قد يعد وهو ينوي ألا يفي بوعده، وهذا من صفات أهل النفاق، بل إن البعض إذا أراد أن يشدد في الموعد قال: وعدي إنجليزي اعتقادًا منه بأن الذين يوفون بالوعد هم الإنجليز، والواجب أن يذكر نفسه وأخاه بأنه لا يخلف الوعد إلا المنافق، والمؤمنون الصادقون أولى بإيفاء الوعد من غيرهم. وللفائدة فقد ألف الحافظ السخاوي كتابًا بعنوان (التماس السعد في الوفاء بالوعد)، أسأل الله أن يرزقنا صفة الوفاء بالعهود والعقود، وطاعة الملك المعبود.